قال : ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلى يبايعك هاهنا ، فترقى المنبر فأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سرّ ، فوثب مروان فقال : اضرب عنقه فانّه صاحب فتنة وشرّ فقال : انّك لهتّاك يا ابن الزرقاء ، واستبّا ، فقال الوليد : أخرجوهما عنى وكان رجلا رفيقا سريا كريما ، فأخرجا عنه فجاء الحسين بن علىّ على تلك الحال فلم يكلّم فى شيء حتّى رجعا جميعا ورجع مروان الى الوليد.
فقال : والله لا تراه بعد مقامك الا حيث يسوؤك ، فأرسل العيون فى أثره. فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء وصفّ بين قدميه ، فلم يزل يصلّى ، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته الى الحليفة على بريد من المدينة ، ممّا يلى الفرع ـ وكان له بالحليفة مال عظيم ، فلم يزل صافّا بين قدميه ، فلمّا كان من آخر اللّيل وتراجعت عنه العيون جلس على دابته فركبها حتّى انتهى الى الحليفة ، فجلس على راحلته ، ثمّ توجّه إلى مكّة وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكّة ، فقال له ابن الزبير : ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك؟ فو الله لو أن لى مثلهم لذهبت إليهم (١)
١٢ ـ قال الدينورى : مات معاوية وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبى سفيان ، وعلى مكّة يحيى بن حكيم بن صفوان بن أميّة ، وعلى الكوفة النعمان بن بشير الانصارى ، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد. فلم تكن ليزيد همّة الّا بيعة هؤلاء الأربعة نفر ، فكتب الى الوليد بن عتبة يأمره أن يأخذهم بالبيعة أخذا شديدا لا رخصة فيه ، فلمّا ورد ذلك على الوليد قطع به وخاف الفتنة ، فبعث إلى مروان ، وكان الّذي بينهما متباعدا ، فأتاه فأقرأه الوليد الكتاب واستشاره.
فقال له مروان : أما عبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن أبى بكر فلا تخافنّ ناحيتهما ، فليسا بطالبين شيئا من هذا الامر ، ولكن عليك بالحسين بن على و
__________________
(١) تاريخ خليفة بن خياط : ١ / ٢٨٢.