حفرتى بكربلاء؟ وقد اختارها الله يوم دحا الارض ، وجعلها معقلا لشيعتنا ، ويكون لهم أمانا فى الدنيا والآخرة ولكن تحضرون يوم السبت ، وهو يوم عاشورا الّذي فى آخره اقتل ، ولا يبقى بعدى مطلوب من أهلى ونسبى واخوتى وأهل بيتى ، ويسار برأسى الى يزيد لعنه الله.
فقالت الجنّ نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه ، لو لا أنّ أمرك طاعة وأنّه لا يجوز لنا مخالفتك ، قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك ، فقال صلوات الله عليه لهم : نحن والله أقدر عليهم منكم ، ولكن ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من جيّ عن بيّنة ، انتهى ما نقلناه من كتاب محمّد بن أبى طالب (١).
١١ ـ عنه وجدت فى بعض الكتب أنّه عليهالسلام لمّا عزم على الخروج من المدينة أتته أمّ سلمة رضى الله عنها ، فقالت : يا بنىّ لا تحزنّى بخروجك الى العراق ، فانّى سمعت جدّك يقول : يقتل ولدى الحسين بأرض العراق فى أرض يقال لها كربلا ، فقال لها : يا امّاه وأنا والله أعلم ذلك ، وانّى مقتول لا محالة ، وليس لى من هذا بدّ وانّى والله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه ، وأعرف من يقتلنى ، وأعرف البقعة الّتي ادفن فيها وانّى أعرف من يقتل من أهل بيتى وقرابتى وشيعتى ، وإن أردت يا امّاه اريك حفرتى ومضجعى.
ثمّ أشار عليهالسلام الى جهة كربلا فانخفضت الارض حتّى أراها مضجعه ومدفنه ، وموضع عسكره ، وموقفه ومشهده ، فعند ذلك بكت أمّ سلمة بكاء شديدا ، وسلّمت أمره الى الله ، فقال لها : يا أمّاه قد شاء الله عزوجل أن يرانى مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا ، وقد شاء أن يرى حرمى ورهطى ونسائى مشرّدين ، وأطفالى مذبوحين ، مظلومين ، مأسورين مقيّدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا
__________________
(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٣٣٠.