قال : فلمّا أبى الحسين قبول رأى ابن عبّاس قال له. والله لو أعلم إنّى إذا تشبثت بك وقبضت على مجامع ثوبك وادخلت يدى فى شعرك حتّى يجتمع الناس علىّ وعليك كان ذلك نافعى لفعلته ، ولكن أعلم أنّ الله بالغ أمره ، ثمّ أرسل عينيه فبكى وودّع الحسين وانصرف ، ومضى الحسين لوجهه ولقى ابن عبّاس بعد خروجه عبد الله ابن الزبير فقال له :
يا لك من قبرة بمعمر |
|
خلالك الجوّ فبيضى واصفرى |
ونقرى ما شئت أن تنقرى |
|
هذا الحسين خارجا فاستبشرى |
فقال : قد خرج الحسين وخلت لك الحجاز (١).
١٤ ـ روى ابن عبد ربه ، عن علىّ بن عبد العزيز قال : قرأ على أبو عبيد القاسم بن سلّام ، وأنا أسمع ، فسألته : نروى عنك كما قرى ، عليك؟ قال : نعم ، قال أبو عبيد: لما مات معاوية بن أبى سفيان وجاءت وفاته الى المدينة ، وعليها يومئذ الوليد بن عتبة ، فأرسل إلى الحسين بن على وعبد الله بن الزبير ، فدعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا : بالغد إن شاء الله على رءوس الناس ، وخرجا من عنده فدعا الحسين برواحله ، فركبها وتوجّه نحو مكّة على المنهج الأكبر ، وركب ابن الزبير برذونا له وأخذ طريق العرج حتّى قدم مكّة.
ومرّ حسين حتّى أتى على عبد الله بن مطيع ، وهو على بئر له ، فنزل عليه ، فقال للحسين : يا أبا عبد الله ، لا سقانا الله بعدك ماء طيبا ، أين؟ قال : العراق ، قال : سبحان الله! لم؟ قال : مات معاوية وجاءنى أكثر من حمل صحف ، قال : لا تفعل أبا عبد الله ، فو الله ما حفظوا أباك وكان خيرا منك ، فكيف يحفظونك ، وو الله لئن قتلت لا بقيت حرمة بعدك الّا استحلّت ، فخرج حسين حتى قدم مكّة ، فأقام بها هو
__________________
(١) مقاتل الطالبيّين : ٧٢.