وابن الزبير.
قال : فقدم عمرو بن سعيد فى رمضان أميرا على المدينة والموسم ، وعزل الوليد بن عتبة ، فلمّا استوى على المنبر رعف. فقال أعرابىّ : مه! جاءنا والله بالدم! قال : فتلقّاه رجل بعمامته. فقال : مه! عمّ الناس والله! ثمّ قام فخطب ، فناولوه عصا لها شعبتان. فقال : تشعّب الناس والله! ثمّ خرج الى مكّة ، فقدمها قبل يوم التروية بيوم ، ووفدت الناس للحسين يقولون : يا أبا عبد الله ، لو تقدّمت فصلّيت بالناس فأنزلتهم بدارك؟.
إذ جاء المؤذّن فأقام الصلاة ، فتقدّم عمرو بن سعيد فكبّر ، فقيل للحسين : اخرج أبا عبد الله إذ أبيت أن تتقدّم. فقال : الصلاة فى الجماعة أفضل. قال : فصلّى ، ثمّ خرج. فلمّا انصرف عمرو بن سعيد بلغه أن حسينا قد خرج ، فقال : اطلبوه ، اركبوا كلّ بعير بين السماء والأرض فاطلبوه. قال : فعجب الناس من قوله هذا فطلبوه ، فلم يدركوه ، وأرسل عبد الله بن جعفر ابنيه عونا ومحمّدا ليردّا حسينا فأبى حسين أن يرجع. وخرج ابنا عبد الله بن جعفر معه. ورجع عمرو بن سعيد إلى المدينة (١).
١٥ ـ قال المسعودى : فلمّا همّ الحسين بالخروج الى العراق ، أتاه ابن العبّاس ، فقال له : يا ابن عمّ ، قد بلغنى أنّك تريد العراق ، وانّهم أهل غدر ، وإنّما يدعونك للحرب ، فلا تجعل ، وإن أبيت إلّا محاربة هذا الجبّار ، وكرهت المقام بمكّة فاشخص الى اليمن ، فانّها فى عزلة ، ولك فيها أنصار وإخوان ، فأقم بها وبثّ دعاتك ، واكتب الى أهل الكوفة وأنصارك بالعراق فيخرجوا أميرهم.
فان قووا على ذلك ونفوه عنها ، ولم يكن بها أحد يعاديك أتيتهم ، وما أنا
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ٣٧٦.