ليلة وأنت تريد لمسلم غائلة ولا ترصده بمظلمة ، ولا تحفر له مهواة ، فكم من حافر لغيره حفرا وقع فيه وكم من مومّل أملا لم يؤت أمله ، وخذ بحظّك من تلاوة القرآن ، ونشر السنّة ، وعليك بالصيام والقيام ، لا تشغلك عنهما ملاهى الدنيا وأباطيلها ، فانّ كلّ ما شغلت به عن الله يضرّ ويفنى ، وكلّ ما اشتغلت به من أسباب الآخرة ينفع ويبقى والسلام (١)
١٩ ـ عنه قال هشام بن محمّد : ثمّ انّ حسينا كثرت عليه كتب أهل الكوفة وتواترت إليه رسلهم إن لم تصل إلينا فأنت آثم ، فعزم على المسير فجاء إليه ابن عبّاس ، ونهاه عن ذلك وقال له : يا ابن عمّ إن أهل الكوفة قوم غدر قتلوا أباك وخذلوا أخاك وطعنوه وسلبوه وسلموه إلى عدوّه ، وفعلوا ما فعلوا ، فقال هذه كتبهم ورسلهم وقد وجب علىّ المسير لقتال أعداء الله فبكا ابن عبّاس وقال وا حسيناه (٢)
٢٠ ـ قال ابن قتيبة : ذكروا أن يزيد بن معاوية ، عزل عمرو بن سعيد ، وأمّر الوليد بن عقبة ، وخرج الحسين بن علىّ إلى مكّة ، فمال الناس إليه ، وكثروا عنده واختلفوا إليه ، وكان عبد الله بن الزبير فيمن يأتيه. قال : فأتاه كتاب أهل الكوفة فيه : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، للحسين بن على ، من سليمان بن صرد ، والمسيّب ، ورفاعة بن شدّاد ، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة.
أمّا بعد ، فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد ، الّذي اعتدى على هذه الامّة ، فانتزعها حقوقها ، واغتصبها أمورها ، وغلبها على فيئها ، وتأمّر عليها على غير رضا منها ، ثمّ قتل خيارها ، واستبقى شرارها ، فبعدا له كما بعدت ثمود ، إنّه ليس علينا امام ، فاقدم علينا ، لعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى ، فإن النعمان بن بشير فى
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٢٣٧.
(٢) تذكرة الخواص : ٢٣٩.