أمّا بعد فاتّقوا الله عباد الله ، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة ، فانّ فيها تهلك الرجال وتسفك الدماء ، وتغصب الأموال ، إنّى لا أقاتل من لا يقاتلنى ولا أتى على من لم يأت علىّ ، ولا أنبّه نائمكم ولا اتحرش بكم ، ولا آخذ بالقرف ولا الظنّة ولا التّهمه ولكنّكم إن أبديتم صفحتكم لى ونكثتم بيعتكم ، وخالفتم إمامكم فو الله الذي لا إله غيره لأضربنّكم بسيفى ما ثبت قائمه فى يدى ، ولو لم يكن لى منكم ناصر ، أما انّى أرجو أن يكون من يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يرديه الباطل.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمى حليف بنى أميّة فقال له : إنّه لا يصلح ما ترى أيّها الامير ، إلّا الغشم وانّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأى المستضعفين ، فقال له النّعمان : لأن أكون من المستضعفين فى طاعة الله أحبّ إلىّ من أن أكون من الاعزّين فى معصية الله ، ثمّ نزل ، وخرج عبد الله بن مسلم ، وكتب إلى يزيد بن معاوية كتابا.
أمّا بعد فانّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة وبايعته الشيعة للحسين بن علىّ ابن أبى طالب عليهماالسلام ، فان يكن لك فى الكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويّا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك فى عدوّك ، فانّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضيّف ، ثمّ كتب إليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه (١).
٢ ـ قال الطبرسى : فدعا بمسلم ابن عقيل ، فسرّحه مع قيس بن مسهّر الصيداوى ، وعمارة بن عبد الله السلولى وعبد الرحمن بن عبد الله الازدى ، فأقبل مسلم حتّى دخل الكوفة ، فنزل دار المختار بن أبى عبيدة ، وأقبلت الشيعة تختلف إليه ، وبايعه الناس حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا ، فكتب مسلم الى الحسين بن علىّ يخبره بذلك ، ويأمره بالقدوم ، وعلى الكوفة يومئذ النعمان بن بشير من قبل
__________________
(١) الارشاد : ١٨٥.