قم فائتنى به الساعة ، فقام وبعث معه قومه ، لانّه قد علم أنّ كلّ قوم يكرهون يصاب فيهم مسلم بن عقيل ، وبعث معه عبيد الله بن عباس السلمى فى سبعين رجلا من قيس حتّى أتوا الدار الّتي فيها مسلم بن عقيل.
فلمّا سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال علم أنّه قد أتى فخرج إليهم بسيفه ، واقتحموا عليه الدار ، فشدّ عليهم فضربهم بسيفه حتّى أخرجهم من الدار ، ثمّ عاد وإليه فشدّ عليهم كذلك ، فاختلف هو وبكر بن حمران الأحمرى ، فضرب بكر فم ، مسلم فقطع شفته العليا ، وأسرع السيف فى السفلى وفصلت له ثناياه ، وضرب مسلم فى رأسه ضربة منكرة وثنّاه باخرى على حبل عاتقة كادت قطع على جوفه.
فلمّا رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت فاخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار فى اطنان القصب ، ثمّ يلقونها عليه من فوق البيت ، فلمّا رأى ذلك خرج عليهم مصلتا سيفه فى السكة فقال له محمّد بن الأشعث لك الأمان ألا تقتل نفسك وهو يقاتلهم ويقول :
أقسمت لا اقتل الّا حرا |
|
انّى رأيت الموت شيئا نكرا |
ويجعل البارد سخنا مرا |
|
ردّ شعاع الشمس فاستقرا |
كلّ امرئ يوما ملاق شرا |
|
أخاف أن اكذب أو أغرّا |
فقال له محمّد بن الأشعث : انك لا تكذب ولا تغرّ فلا تجزع إنّ القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضائرك ، وكان قد اثخن بالحجارة وعجز عن القتال ، فانبهر وأسند ظهره الى جنب تلك الدّار ، فاعاد ابن الاشعث عليه القول لك الامان ، فقال أآمن أنا قال نعم ، فقال للقوم الذين معه الى الامان ، قال القوم له نعم ، الّا عبيد الله ابن العبّاس السلمى ، فانّه قال : لا ناقة لى فى هذا ولا جمل وتنحى.
فقال مسلم أما لو لم تؤمنونى ما وضعت يدى فى أيديكم واتى ببغلة فحمل