أنّه يجلس على باب داره ، فألقوه ومروه أن لا يدع ما عليه من حقّنا فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة وهو على باب داره جالس.
فقالوا : ما يمنعك من لقاء الأمير فقال لهم الشكوى يمنعنى من لقائه ، فقالوا له : قد بلغه أنّك تجلس على باب دارك ، عشية وقد استبطأك فدعا بثيابه فلبسها ودعا ببغلته فركبها فلمّا دخل على ابن زياد قال : أتتك بحائن رجلاه والتفت نحوه وقال :
اريد حياته ويريد قتلى |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
فقال هانى : وما ذاك أيّها الأمير؟ قال : ما هذه الامور الّتي تربّص فى دورك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين ، جئت بمسلم بن عقيل ، فأدخلته دارك وجمعت له الرجال والسلاح قال : ما فعلت ذلك قال : بلى ثمّ دعا ابن زياد معقلا ذلك اللّعين فجاء حتّى وقف بين يديه فلمّا رآه هانى علم أنّه كان عينا عليهم ، وأنّه قد أتاه بأخبارهم ، فقال : اسمع منّى وصدّق مقالتى والله ما دعوته الى منزلى ولا علمت بشيء من أمره حتّى جاء يسألنى النزول.
فاستحييت أن أردّه فضيفته وآويته ، وأنا أعطيك اليوم عهدا لا أبغيك سوءا ولا غائلة وإن شئت أعطيك رهينة فتكون فى يدك حتّى آتيك به أو آمره أن يخرج من دارى حيث شاء من الأرض فأخرج من جواره ، فقال ابن زياد : والله ما تفارقنى أبدا حتّى تأتينى به قال : لا والله لا آتيك به وكثر الكلام بينهما حتّى قال : والله لتأتينّي به قال : لا والله لا آتيك به قال : لتأتينّي به أو لأضربنّ عنقك فقال هانى : إذا والله تكثر البارقة حول دارك.
فقال ابن زياد : أبا البارقه تخوّفنى وهو يظنّ أن عشيرته سيمنعونه ، فقال : ادنوه منّى فلم يزل يضرب وجهه بالقضيب حتّى كسر أنفه وسيل الدماء على ثيابه ، وضرب هانى يده على قائم سيف شرطىّ وجاذبه الرجل ويمنعه ، فقال ابن زياد : قد حلّ لنا قتلك فجرّوه فألقوه فى بيت من بيوت الدار وأغلقوا عليه الباب ، وبلغ