الخبر مسلم بن عقيل ، فأمر أن ينادى فى الناس فملأ بهم الدور ، وقال لمناديه ناديا منصور.
فعقد مسلم لرؤوس الارباع على القبائل كندة ومذحج وأسد وتيم وهمدان فتداعى الناس واجتمعوا فامتلأ المسجد من الناس والسوق وما زالوا يتوثبون حتّى المساء وضيّق بعبيد الله أمره ، وليس فى القصر معه إلّا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس وأهل بيته وأقبل من نأى عنه من أشراف النّاس يأتونه من قبل الباب الذي يلى دار الروميّين وجعل من فى القصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون إليهم وهم يرمونه بالحجارة.
دعا ابن زياد بكثير ابن شهاب ومحمّد بن الأشعث وشبث بن ربعى وجماعة من رؤساء القبائل ، وأمرهم أن يسيروا فى الكوفة ويخذلوا الناس عن مسلم ابن عقيل ، ويعلموهم بوصول الجند من الشام ، وأنّ الأمير قد أعطى الله عهدا لئن تمّمتم على حربه ، ولم تنصرفوا من عشيتكم هذه أن يحرم ذريتكم العطاء ويأخذ البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، فلمّا سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرّقون وكانت المرأة تأتى ابنها وأخاها وزوجها وتقول : انصرف الناس يكفونك ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول : غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشرّ فيذهب به فينصرف.
فما زالوا يتفرّقون حتّى أمسى ابن عقيل وصلّى المغرب وما معه من أصحابه الّا ثلاثون رجلا فلمّا رأى ذلك خرج متوجّها نحو باب كندة ، فلمّا بلغ الباب معه منهم عشرة فخرج من الباب فاذا ليس معه انسان ولا يجد أحدا يدلّه على الطريق فمضى على وجهه متلدّدا فى أزقّة الكوفة لا يدرى أين يذهب فمشى على باب امرأة يقال لها : طوعة وهى على باب دارها ينتظر ولدها ، فسلّم عليه ، وقال : يا امة الله اسقينى ماء فسقته وجلس فقالت : يا عبد الله فاذهب الى أهلك؟