فقال : يا أمة الله ما لي فى هذا المصر منزل هل لك فىّ أجر ومعروف ولعلّى اكافيك بعد اليوم فقالت : وما ذاك؟ قال : أنا مسلم بن عقيل كذّبنى هؤلاء القوم وغرّونى وأخرجونى قالت : أنت مسلم؟ قال : نعم قالت : ادخل فدخل دارا فى بيتها غير الّذي تكون فيه وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ ، فجاء ابنها فرآها تكثر الدخول الى البيت ، والخروج منه فسألها عن ذلك فقالت يا بنىّ أله عن هذا قال : والله لتخبرينى.
فأخذت عليه الايمان ، أن لا يخبر أحدا فحلف ، فأخبرته وكانت هذه المرأة أمّ ولد للأشعث بن قيس ، فاضطجع ابنها وسكت وأصبح فغدا الى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ، فأخبره بمكان مسلم بن عقيل ، عند أمّه ، فأقبل عبد الرحمن حتّى أتى أباه وهو عند ابن زياد فسارّه فعرف ابن زياد سراره ، قال : قم فأتنى به الساعة فقام وبعث معه عبيد الله بن العبّاس السلمى فى سبعين رجلا حتّى أتوا الدار الّتي فيها مسلم.
فلمّا سمع وقع الحوافر وأصوات الرجال علم أنّه قد أتى العدوّ فخرج إليهم بسيفه ، واقتحموا عليه الدار فشدّ عليهم ، يضربهم بسيفه ، حتّى أخرجهم من الدار ، واختلف هو وبكر بن حمران الاحمرى فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا ، وأسرع فى السفلى وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة وثنى بأخرى على حبل العاتق ، وخرج عليهم مصلتا سيفه فقال له محمّد بن الاشعث : لك الامان لا تقتل نفسك وهو يقاتلهم ويقول :
أقسمت لا اقتل إلّا حرّا |
|
إنّى رأيت الموت شيئا نكرا |
كلّ امرئ يوما ملاق شرّا |
|
أخاف أن اكذب أو اغرّا |
فقال له محمّد بن الأشعث : انّك لا تكذب ولا تغر ، فلا تجزع إنّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك فقال مسلم : أمّا لو لم تؤمّنونى ما وضعت يدى فى أيديكم ، فأتى