ببغلة فركبها واجتمعوا حوله فانتزعوا سيفه فكانّه آيس هناك من نفسه ، فدمعت عيناه وقال : هذا أوّل الغدر وأقبل على محمّد بن الأشعث وقال : انّى أراك والله ستعجز عن أمانى فهل عندك خير؟ تستطيع أن تبعث من هناك رجلا على لسانى أن يبلّغ حسينا ، فانّى لأراه إلّا خرج إليكم اليوم أو هو خارج غدا ، ويقول :
إنّ ابن عقيل بعثنى إليك ، وهو أسير فى أيدى القوم ، ما أرى أن يمسى حتّى يقتل وهو يقول : ارجع فداك أبى وأمّى بأهل بيتك يا ابن عمّى ولا تغتّر بأهل الكوفة فانّهم أصحاب أبيك الّذي يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل انّ أهل الكوفة كذبوك وليس لكذوب رأى ، فقال ابن الأشعث : لأفعلنّ ولأعلمنّ ابن زياد أنّى قد أمّنتك وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل الى باب القصر ، ودخل على عبيد الله وما كان من أمانه فقال ابن زياد : ما أنت والأمان؟ كأنّا أرسلناك لتؤمّنه وإنمّا أرسلناك لتأتينا به فسكت ابن الأشعث وخرج رسول ابن زياد فأمر بادخال مسلم.
فلمّا دخل لم يسلّم عليه بالامرة فقال الحرسى : ألا تسلم على الامير؟ قال : إن كان يريد قتلى فما سلامى عليه ، وإن كان لا يريد قتلى ليكثرنّ سلامى عليه ، فقال ابن زياد : لعمرى لتقتلنّ قتلة لم يقتلها أحد من الناس فى الاسلام فقال له مسلم : أنت أحقّ من أحدث فى الاسلام وأنّك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وقبح السيرة ولؤم الغلبة ، وأخذ ابن زياد يشتمه ويشتم الحسين وعليا وعقيلا وأخذ مسلم لا يكلّمه ثمّ قال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه ثمّ أتبعوه جسده.
فقال مسلم : لو كان بينى وبينك قرابة ما قتلتنى فقال ابن زياد : أين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه ، فدعى بكر بن حمران الاحمرى ، فقال له : اصعد فكن أنت الذي يضرب عنقه ، وجعل مسلم يكبّر الله ويستغفره ويصلّى على النبيّ وآله ويقول : اللهمّ أحكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ، وضرب عنقه وأتبع جسده رأسه وأمر بهانى بن عروة فأخرج الى السوق وضرب عنقه وهو يقول الى الله