فلك مائة ألف ، قال : لا ، والله ما استطيع ، فنزل عبيد الله فأخرج ثيابا مقطّعة من مقطّعات اليمن ، ثمّ اعتجر بمعجرة يمانية ، فركب بغلته ، ثمّ انحدر راجلا وحده ، فجعل يمرّ بالمحارس ، فكلّما نظروا إليه لم يشكوا انّه الحسين. فيقولون : مرحبا بك يا ابن رسول الله! وجعل لا يكلّمهم ، وخرج إليه الناس من دورهم وبيوتهم.
سمع بهم النعمان بن بشير فغلّق عليه وعلى خاصّته ، وانتهى إليه عبيد الله ، وهو لا يشكّ أنه الحسين ، ومعه الخلق يضجّون ، فكلّمه النعمان ، فقال : أنشدك الله الا تنحّيت عنّى! ما أنا بمسلم إليك أمانتى ، وما لي فى قتلك من أرب ، فجعل لا يكلّمه. ثمّ انّه دنا وتدلّى الآخر بين شرفتين ، فجعل يكلّمه فقال : افتح لا فتحت ، فقد طال ليلك ، فسمعها انسان خلفه ، فتكفى الى القوم.
فقال : أى قوم ، ابن مرجانة ، والّذي لا إله غيره! فقالوا : ويحك! إنمّا هو الحسين ، ففتح له النعمان ، فدخل ، وضربوا الباب فى وجوه الناس ، فانفضّوا ، وأصبح ، فجلس على المنبر ، فقال : أيّها الناس ، انّى لا علم أنّه قد سار معى ، وأظهر الطاعة لى من هو عدوّ ، للحسين حين ، ظنّ أنّ الحسين قد دخل البلد وغلب عليه ، والله ما عرفت منكم أحدا ، ثمّ نزل ، وأخبر أنّ مسلم بن عقيل قدم قبله بليلة ، وانّه بناحية الكوفة ، فدعا مولى لبنى تميم ، فأعطاه مالا ، وقال :
انتحل هذا الامر ، وأعنهم بالمال ، واقصد لهانئ ومسلم ، وأنزل عليه ، فجاء هانئا فأخبره أنّه شيعة ، وانّ معه مالا. وقدم شريك بن الاعور شاكيا فقال لهانئ : مر مسلما يكن عندى ، فانّ عبيد إله يعودنى ، وقال شريك لمسلم : أرأيتك ان أمكنتك من عبيد الله أضاربه أنت بالسيف؟ قال : نعم والله. وجاء عبيد الله شريكا يعوده فى منزل هانئ ـ وقد قال شريك لمسلم : إذا سمعتنى أقول : اسقونى ماء فاخرج عليه فاضربه.
جلس عبيد الله على فراش شريك ، وقام على رأسه مهران ، فقال : اسقونى