الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فانّ أمير المؤمنين أصلحه الله ولّاني مصركم ، وأمرنى بانصاف مظلومكم ، واعطاء محرومكم ، وبالاحسان الى سامعكم ومطيعكم ، وبالشدّة على مريبكم وعاصيكم ، وأنا متّبع فيكم أمره ، ومنفذ فيكم عهده ، فأنا لمحسنكم ومطيعكم كالوالد البرّ ، وسوطى وسيفى على من ترك أمرى ، وخالف عهدى فليبق امرؤ على نفسه. الصدق ينبىء عنك لا الوعيد.
ثمّ نزل ، فأخذ العرفاء والناس أخذا شديدا ، فقال : اكتبوا الىّ الغرباء ، ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ، ومن فيكم من الحروريّة ، وأهل الريب الّذين رأيهم الخلاف والشقاق ، فمن كتبهم لنا فبرئ ، ومن لم يكتب لنا أحدا ، فيضمن لنا ما فى عرافته ألّا يخالفنا منهم مخالف ، ولا يبغى علينا منهم باغ ، فمن لم يفعل برئت منه الذمّة وحلال لنا ماله وسفك دمه.
وأيّما عريف وجد فى عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صلب على باب داره ، وألقيت تلك العرافة من العطاء وسيّر الى موضع بعمان الزارة (١).
٢٨ ـ عنه قال : وأمّا عيسى بن يزيد الكنانى فانّه قال : فيما ذكر عمر بن شبّة عن هارون بن مسلم ، عن علىّ بن صالح ، عنه قال : لمّا جاء كتاب يزيد الى عبيد الله ابن زياد ، انتخب من أهل البصرة خمسمائة ، فيهم عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وشريك بن الأعور ، وكان شيعة لعلى فكان أوّل من سقط بالناس شريك ، فيقال : انّه تساقط غمرة ومعه ناس ، ثمّ سقط عبد الله بن الحارث وسقط معه ناس ، ورجوا أن يلوى عليه عبيد الله ويسبقه الحسين الى الكوفة.
فجعل لا يلتفت الى من سقط ، ويمضى حتّى ورد القادسيّة ، وسقط مهران مولاه ، فقال : أيا مهران ، على هذه الحال ، إن أمسكت عنك حتّى تنظر الى القص؟؟؟
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٨.