الّتي يريد صبيحتها أن يسبق الى الكوفة ، وأقرأه كتابه ، فقدّم الرسول فضرب عنقه ، وصعد عبيد الله منبر البصرة فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فو الله ما تقرن بى الصعبة ، ولا يقعقع لى بالشنان ، وانّى لنكل لمن عادانى ، وسمّ لمن حاربنى ، أنصف القارة من راماها.
يا أهل البصرة ، انّ أمير المؤمنين ولانّى الكوفة ، وأنا غاد إليها الغداة ، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبى سفيان ، وإيّاكم والخلاف والإرجاف ، فو الذي لا إله غيره ، لئن بلغنى عن رجل منكم خلاف لأقتلنّه وعريفه ووليّه ، ولآخذنّ الأدنى بالأقصى حتّى تستمعوا لى ، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشتاق ، أنا ابن زياد ، أشبهته من بين من وطىء الحصى ولم ينتزعنى شبه خال ولا ابن عمّ.
ثمّ خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان بن زياد ، وأقبل الى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلىّ ، وشريك بن الأعور الحارثى ، وحشمه وأهل بيته ، حتّى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء ، وهو متلثّم والناس قد بلغهم إقبال حسين إليهم ، فهم ينتظرون قدومه ، فظنّوا حين قدم عبيد الله أنّه الحسين ، فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس الّا سلّموا عليه ، وقالوا : مرحبا بك يا ابن رسول الله! قدمت خير مقدم.
فرأى من تباشيرهم بالحسين عليهالسلام ما ساءه ، فقال مسلم بن عمرو لما أكثروا : تأخّروا ، هذا الامير ، عبيد الله بن زياد ، فأخذ حين أقبل على الظهر ، وإنّما معه بضعة عشر رجلا ، فلمّا دخل القصر ، وعلم الناس أنّه عبيد الله بن زياد ، دخلهم من ذلك كآبة وحزن شديد ، وغاظ عبيد الله ما سمع منهم ، وقال : ألا أرى هؤلاء كما أرى (١)
٢٧ ـ عنه قال هشام : قال أبو مخنف : فحدّثنى المعلّى بن كليب ، عن أبى ودّاك قال : لمّا نزل القصر نودى : الصلاة جامعة ، قال : فاجتمع الناس ، فخرج إلينا فحمد
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٧.