دارك ، وقد استبطأك ، والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، أقسمنا عليك لمّا ركبت معنا! فدعا بثيابه فلبسها ، ثمّ دعا ببغلة فركبها حتّى إذا دنا من القصر ، كأنّ نفسه أحسّت ببعض الذي كان ، فقال لحسّان بن أسماء بنت خارجة ، يا ابن أخى ، انّى والله لهذا الرجل لخائف ، فما ترى؟
قال : أى عمّ ، والله ما أتخوّف عليك شيئا ، ولم تجعل على نفسك سبيلا وأنت برىء؟ وزعموا أن أسماء لم يعلم فى أىّ شيء بعث إليه عبيد الله ، فأمّا محمّد فقد علم به : فدخل القوم على ابن زياد ، ودخل معهم ، فلمّا طلع قال عبيد الله : أتتك بحائن رجلاه! وقد عرّس عبيد الله إذ ذاك بأمّ نافع ابنة عمارة بن عقبة ، فلمّا دنا من ابن زياد وعنده شريح القاضى التفت نحوه ، فقال :
اريد حبائه ويريد قتلى |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
قد كان له أوّل ما قدم مكرما ملطفا ، فقال له هانى ، وما ذاك أيّها الامير؟ قال : إيه يا هانى بن عروة! ما هذه الامور الّتي تربّص فى دورك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل ، فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال فى الدّور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى علىّ لك! قال : ما فعلت ، وما مسلم عندى ، قال : بلى قد فعلت : قال : ما فعلت ، قال : بلى.
فلمّا كثر ذلك بينهما ، وأبى هانى الا مجاحدته ومناكرته ، دعا ابن زياد معقلا ذلك العين ، فجاء حتّى وقف بين يديه ، فقال : أتعرف هذا؟ قال : نعم ، وعلم هانى عند ذلك أنّه كان عينا عليهم ، وأنّه قد أتاه بأخبارهم. فسقط فى خلده ساعة ، ثمّ انّ نفسه راجعته ، فقال له : اسمع منّى وصدّق مقالتى.
فو الله لا اكذبك ، والله الذي لا إله غيره ما دعوته إلى منزلى ولا علمت بشيء من أمره ، حتّى رأيته جالسا على بابى ، فسألنى النزول علىّ ، فاستحييت من