زياد من قبل دار الروميّين.
فلمّا اجتمع عند عبيد الله كثير بن شهاب ، ومحمّد ، والقعقاع ، فيمن أطاعهم من قومهم ، قال له كثير ـ وكانوا مناصحين لابن زياد : أصلح الله الامير! معك فى القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك وأهل بيتك ومواليك ، فاخرج بنا إليهم ، فأبى عبيد الله ، وعقد لشبث بن ربعى لواء ، فأخرجه ، وأقام الناس مع ابن عقيل يكبرون ويثوّبون حتّى المساء ، وأمرهم شديد ، فبعث عبيد الله الى الاشراف فجمعهم إليه ، ثمّ قال : أشرفوا على الناس ، فمنّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة ، وأعلموهم وصول الجنود من الشام إليهم (١).
٣٦ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى سليمان بن أبى راشد ، عن عبد الله بن حازم الكثيرى ، من الأزد ، من بنى كثير ، قال : أشرف علينا الاشراف ، فتكلّم كثير بن شهاب أوّل الناس ، حتّى كادت الشمس أن تجب ، فقال : أيّها الناس ، الحقوا بأهاليكم ، ولا تعجّلوا الشرّ ، ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل ، فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت.
قد أعطى الله الامير عهدا : لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيّتكم أن يحرم ذرّيتكم العطاء ، ويفرّق مقاتلكم فى مغازى أهل الشام على غير طمع ، وأن يأخذ البريء ، بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقى له فيكم بقيّة من أهل المعصية ، الّا أذاقها وبال ما جرت أيديها ، وتكلّم الأشراف بنحو من كلام هذا ، فلمّا سمع مقالتهم الناس أخذوا يتفرّقون ، وأخذوا ينصرفون (٢).
٣٧ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى المجالد بن سعيد ، أنّ المرأة كانت تأتى ابنها
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٦٩.
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٧٠.