يكون عليك بأس ، قال : ما هو الّا الرجاء ؛ أين أمانكم! إنّا لله وانّا إليه راجعون! وبكى.
فقال له عمرو بن عبيد الله بن عبّاس : إنّ من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك ، قال : إنّى والله ما لنفسى أبكى ، ولا لها من القتل أرثى ، وإن كنت لم أحبّ لها طرفة عين تلفا ، ولكن أبكى لأهلى المقبلين الىّ ، أبكى لحسين وآل حسين!
ثمّ أقبل على محمّد بن الاشعث فقال : يا عبد الله ، انّى أراك والله ستعجز عن أمانى ، فهل عندك خير! تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لسانى يبلغ حسينا ، فانّى لا أراه الا قد خرج إليكم اليوم مقبلا ، أو هو يخرج غدا هو وأهل بيته ، وانّ ما ترى من جزعى لذلك.
فيقول : انّ ابن عقيل بعثنى إليك وهو فى أيدى القوم أسير لا يرى أن تمشى حتّى تقتل وهو يقول : ارجع بأهل بيتك ولا يغرّك أهل الكوفة فانّهم أصحاب أبيك الّذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل انّ أهل الكوفة قد كذّبوك وكذّبونى وليس لمكذّب رأى فقال ابن الأشعث : والله لأفعلنّ ولأعلّمنّ ابن زياد أنّى قد أمنتك (١).
٣٩ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى جعفر بن حذيفة الطائى ـ وقد عرف سعيد ابن شيبان الحديث ـ قال : دعا محمّد بن الأشعث إياس بن العثل الطائى من بنى مالك ابن عمرو بن ثمامة وكان لمحمّد زوارا فقال له : الق حسينا فأبلغه هذا الكتاب وكتب فيه الذي أمره ابن عقيل وقال له : هذا زادك وجهازك ومتعة لعيالك ، فقال : من أين لى براحلة فان راحلتى قد أنضيتها؟ قال : هذه راحلة فاركبها برحلها. ثمّ خرج فاستقبله بزبالة لأربع ليال فأخبره الخبر وبلّغه الرسالة.
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٧٣.