تفرق بين هذه الامة ، فتأول حسين قول الله عزوجل : (لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
قال : ثمّ انّ الحسين ، أقبل حتّى مرّ بالتنعيم ، فلقى بها عيرا قد أقبل بها من اليمن ، بعث بها بحير بن ريسان الحميرى الى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمن ، وعلى العير الورس والحلل ، ينطلق بها الى يزيد ، فأخذها الحسين فانطلق بها ، ثمّ قال لاصحاب الابل : لا أكرهكم من أحبّ أن يمضى معنا الى العراق أو فينا كراءه ، واحسنا صحبته ، ومن أحبّ أن يفارقنا من مكاننا ، هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الارض ، قال : فمن فارقه منهم حوسب ، فأوفى حقّه ، ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه (١).
٢٠ ـ قال أبو مخنف : حدّثنى الحارث بن كعب الوالبى ، عن علىّ بن الحسين ابن علىّ بن أبى طالب ، قال : لمّا خرجنا من مكّة كتب عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الى الحسين بن على مع ابنيه ، عون ومحمّد : أمّا بعد فانّى أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر فى كتابى ، فانّى مشفق عليك من الوجه الذي توجّه له ، أن يكون فيه هلاكك ، واستئصال أهل بيتك ان هلكت اليوم طفئ نور الارض فانّك علم المهتدين ورجا ، المؤمنين فلا تعجل بالسير فانّى فى أثر الكتاب والسلام. قال وقام عبيد الله بن جعفر. الى عمرو بن سعيد بن العاص ، فكلّمه ، وقال : اكتب الى الحسين كتابا تعجل له فيه الأمان ، وتمنّيه فيه البرّ والصلة ، وتوثق له فى كتابك ، وتسأله الرجوع ، لعلّه يطمئنّ الى ذلك فيرجع ، فقال عمرو بن سعيد : اكتب ما شئت وأتنى به حتّى أختمه ، فكتب عبد الله بن جعفر الكتاب ، ثمّ أتى به عمرو بن سعيد ، فقال له : اختمه وابعث به مع أخيك يحيى بن سعيد فانّه أحرى أن
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٥.