ناحية أخرى حتّى انتهوا الى عذيب الهجانات.
فلمّا أصبح نزل فصلّى الغداة ثمّ عجّل الركوب ، فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحرّ بن يزيد ، فيردّه وأصحابه ، فجعل اذا ردّهم نحو الكوفة امتنعوا عليه فلم يزالوا يسايرون كذلك حتّى انتهوا الى نينوى بالمكان الّذي نزل به الحسين ، فاذا راكب على نجيب له ، فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ ولم يسلّم على الحسين عليهالسلام ، وأصحابه ، ودفع الى الحرّ كتابا من عبيد الله بن زياد ، فاذا فيه :
أمّا بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابى ولا تنزله الّا بالعراء فى غير خضر ولا ماء وقد أمرت رسولى أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتينى بإنفاذك أمرى والسلام ، فأخذهم الحرّ بالنزول فى ذلك المكان على غير ماء ولا قرية ، فقال له الحسين ، دعنا ويحك أنزل فى هذه القرية ـ يعنى نينوى أو هذه ـ يعنى الغاضرية ـ
قال : لا والله لا أستطيع ذلك هذا رجل قد بعث عينا علىّ فقال زهير بن القين : انّى والله ما أراه يكون بعد هذا الذي ترون الّا أشدّ ما ترون يا ابن رسول الله انّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمرى ليأتينا بعدهم من لا قبل لنا به ، فقال الحسين عليهالسلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال (١).
٥ ـ قال ابن شهرآشوب : فلمّا نزل على شراف قال ، رأيت النخيل ، فقال رجلان أسديان كانا معه هذا مكان ما رأينا نخلا قطّ ، قال الحسين فما تريانه ، فقالا لا نراه والله الا هوادى الخيل ، فقال أنا والله أرى ذلك وأمر أصحابه أن يستبقوا اذاهم بالحرّ الرياحى ، فى ألف رجل ، فقام الحسين وصلّى بأصحابه وصلّى الحرّ معه فلمّا سلّم قال أيّها الناس معذرة الى الله وإليكم إنّى لم آتكم حتّى اتتنى كتبكم ، وقدمت علىّ رسلكم فى كلام له حتّى قال فان تعطونى ما اطمانّ عليه من عهودكم
__________________
(١) روضة الواعظين : ١٥٣.