فان سكان السموات يفنون وأهل الأرض كلّهم يموتون وجميع البرية يهلكون ، ثمّ قال يا أختاه يا أمّ كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب انظر إذا أنا قتلت فلا تشققنّ عليه جيبا ، ولا تخمشنّ عليه وجها ، ولا تقلن هجوا (١).
٥ ـ عنه روى من طريق آخر ان زينب لمّا سمعت مضمون الأبيات وكانت فى موضع آخر ، منفردة مع النساء والبنات خرجت حاسرة تجرّ ثوبها ، حتّى وقفت عليه وقالت وا ثكلاه ليت الموت أعدمنى الحيات اليوم ماتت أمّى فاطمة وأبى علىّ وأخى الحسن ، يا خليفة الماضين وثمال الباقين ، فنظر إليها الحسين عليهالسلام.
فقال يا اختاه لا يذهبنّ بحلمك الشيطان ، فقالت بأبى وأمّى ستقتل ، نفسى لك الفداء فردّت غصته وترقرقت عيناه بالدموع ، ثمّ قال : لو ترك القطا ليلا لنام ، فقالت يا ويلتاه فتغتصب نفسك اغتصابا ، فذلك أقرح لقلبى وأشدّ على نفسى ، ثمّ اهوت الى جيبها فشقته ، وخرّت مغشية عليها ، فقام فصبّ عليها الماء ، حتّى افاقت ثمّ عزاها صلوات الله عليها بجهده وذكرها المصيبة بموت أبيه وجدّه صلوات الله عليهم أجمعين.
وممّا يمكن أن يكون سببا لحمل الحسين عليهالسلام لحرمه وعياله أنّه لو تركهنّ عليهالسلام بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية عليه لعائن الله قد أنفذ ليأخذهنّ إليه وصنع بهنّ من الاستيصال وسيئ الأعمال ما يمنع الحسين عليهالسلام من الجهاد والشهادة ويمتنع عليهالسلام بأخذ يزيد بن معاويه لهنّ عن مقامات السعادة (٢).
٦ ـ قال الدينورى : وسار الحسين عليهالسلام من قصر بنى مقاتل ، ومعه الحرّ بن يزيد ، كلّما أراد أن يميل نحو البادية منعه ، حتّى انتهى الى المكان الذي يسمّى
__________________
(١) اللهوف : ٣٥.
(٢) اللهوف : ٣٦.