عتب على عبد الله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين ، فقال عبد الله بن عمار : ان لى عند بنى هاشم ليدا ، قلنا له : وما يدك عندهم؟ قال : حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه ، فو الله لو شت لطعنته ، ثم انصرفت عنه غير بعيد ، وقلت : ما أصنع بأن أتولى قتله يقتله غيرى قال : فشدّ عليه رجالة ممن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعرّوا ، وعلى من شماله حتى ابذعرّوا ، وعليه قميص له من خز وهو معتم.
قال : فو الله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ولا أجرا مقدما منه ، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، أن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب ، قال : فو الله انه لكذلك اذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته ، وكأنى أنظر الى قرطها يجول بين أذنيها وعاتقها وهى تقول : ليت السماء تطابقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟! قال فكأنّى انظر إلى دموع عمر وهى تسيل على خدّيه ولحيته ، قال : وصرف بوجهه عنها (١).
٥٦ ـ عنه ، قال أبو مخنف : حدّثنى الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال : كانت عليه جبّة من خزّ ، وكان معتما ، وكان مخضوبا بالوسمة ، قال : وسمعته يقول قبل أن يقتل ، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يتّقى الرمية ، ويفترص العورة ، ويشدّ على الخيل ، وهو يقول : أعلى قتلى تحاثّون! أما والله لا تقتلون بعدى عبدا من عباد الله الله أسخط عليكم لقتله منّى ، وأيم الله إنّى لأرجو أن يكرمنى الله بهوانكم ، ثمّ ينتقم لى منكم من حيث لا تشعرون ، أمّا والله أن لو قد
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥١.