قالوا : وكانت الرءوس قد تقدم بها شمر بن ذى الجوشن أمام عمر بن سعد ، قالوا : واجتمع أهل الغاضريّة فدفنوا أجساد القوم ، وروى عن حميد بن مسلم قال : كان عمر بن سعد لى صديقا ، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين ، فسألته عن حاله ، فقال : لا تسأل عن حالى ، فإنه ما رجع غائب إلى منزله بشر مما رجعت به ، قطعت القرابة القربية ، وارتكبت الأمر العظيم. (١)
١٦ ـ روى ابو منصور الطبرسى : عن زيد بن موسى بن جعفر ، عن أبيه عن آبائه عليهمالسلام قال : خطبت فاطمة الصغرى عليهاالسلام بعد ان ردّت من كربلاء فقالت : الحمد لله عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش الى الثرى ، أحمده واومن به وأتوكل عليه ، وأشهد ان لا إله الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ اولاده ذبحوا بشطّ الفرات من غير ذحل ولا تراث ، اللهم انى أعوذ بك ان أفترى عليك الكذب ، وأن أقول خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود لوصيه على بن أبى طالب عليهالسلام.
المسلوب حقه ، المقتول من غير ذنب ، كما قتل ولده بالأمس فى بيت من بيوت الله وبها معشر مسلمة بألسنتهم ، تعسا لرؤوسهم! ما دفعت عنه ضيما فى حياته ولا عند مماته ، حتى قبضته إليك محمود النقيبة ، طيب الضريبة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه فيك لومة لائم ، ولا عذل عاذل ، هديته يا ربّ للإسلام صغيرا ، وحمدت مناقبه كبيرا ، ولم يزل ناصحا لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتى قبضته إليك ، زاهدا فى الدنيا غير حريص عليها ، راغبا فى الآخرة مجاهدا لك فى سبيلك ، رضيته فاخترته ، وهديته الى طريق مستقيم.
أما بعد يا أهل الكوفة! يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، إنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن عيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجته فى الأرض فى بلاده لعباده ، أكرمنا الله
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٥٩.