مرمّلة ، وخدودهم معفّرة ، تصهرهم الشمس ، وتسفى عليهم الريح بقاع سبسب ، زوّارهم العقبان والرّخم. قال : فدمعت عينا يزيد وقال : لقد كنت أقنع من طاعتكم بدون قتل الحسين ، لعن الله ابن سمية! أما والله لو كنت صاحبه لتركته ، رحم الله أبا عبد الله وغفر له(١).
٢٦ ـ عنه ، عن علىّ بن عبد العزيز ، عن محمّد بن الضّحاك بن عثمان الخزاعى ، عن أبيه ، قال : خرج الحسين إلى الكوفة ساخطا لولاية يزيد بن معاوية ، فكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد ، وهو وإليه بالعراق : إنه بلغنى أن حسينا سار إلى الكوفة ، وقد ابتلى به زمانك بين الأزمان ، وبلدك بين البلدان ، وابتليت به من بين العمّال ، وعنده تعتق أو تعود عبدا ، فقتله عبيد الله وبعث برأسه وثقله إلى يزيد ، فلما وضع الرأس بين يديه تمثل بقول حصين بن الحمام المرّى :
نفلّق هاما من رجال أعزّة |
|
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما |
فقال له علىّ بن الحسين ، وكان فى السّبى : كتاب الله أولى بك من الشّعر ، يقول الله: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا ، بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) ، فغضب يزيد وجعل يعبث بلحيته ، ثم قال : غير هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك ، قال الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ).
ما ترون يا أهل الشام فى هؤلاء؟ فقال له رجل منهم : لا تتخذ من كلب سوء جروا ، قال النعمان بن بشير الأنصاري : انظر ما كان يصنعه رسول الله صلىاللهعليهوآله بهم لو رآهم فى هذه الحالة فاصنعه بهم ، قال : صدقت ، خلّوا عنهم واضربوا عليهم القباب وأمال عليهم المطبخ وكساهم وأخرج إليهم جوائز كثيرة. وقال : لو كان
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ٣٨١.