الوصفى الذى ينبىء عنه الاسم الجليل إما باعتبار أصل اشتقاقه وكونه علما للمعبود بالحق كأنه قيل وهو المعبود فيهما وإما باعتبار أنه اسم اشتهر بما اشتهرت به الذات من صفات الكمال فلو حظ معه منها ما يقتضيه المقام من المالكية الكلية والتصرف الكامل حسبما تقتضيه المشيئة المبنية على الحكم البالغة فعلق به الظرف من تلك الحيثية فصار كأنه قيل وهو المالك أو المتصرف المدبر فيهما كما فى قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وليس المراد بما ذكر من الاعتبارين أن الاسم الجليل يحمل على معناه اللغوى أو على معنى المالك أو المتصرف أو نحو ذلك بل مجرد ملاحظة أحد المعانى المذكورة فى ضمنه كمالو حظ مع اسم الأسد فى قوله أسد على الخ ما اشتهر به من وصف الجراءة التى اشتهر بها مسماه فجرى مجرى جرىء على وبهذا تبين أن ما قيل بصدد التصوير والتفسير أى هو المعروف بذلك فى السموات وفى الأرض أو هو المعروف المشتهر بالصفات الكمالية أو هو المعروف بالإلهية فيهما أو نحو ذلك بمعزل من التحقيق فإن المعتبر مع الاسم هو نفس الوصف الذى اشتهر به إذ هو الذى يقتضيه المقام حسبما بين آنفا لاشتهاره به ألا يرى أن كلمة على فى المثال المذكور لا يمكن تعليقها باشتهار الاسم بالجراءة قطعا وقيل هو متعلق بما يفيده التركيب الحصرى من التوحد والتفرد كأنه قيل وهو المتوحد بالإلهية فيهما وقيل بما تقرر عند الكل من إطلاق هذا الاسم عليه خاصة كأنه قيل وهو الذى يقال له الله فيهما لا يشرك به شىء فى هذا الاسم على الوجه الذى سبق من اعتبار معنى التوحد أو القول فى فحوى الكلام بطريق الاستتباع لا على حمل الاسم الجليل على معنى المتوحد بالإلهية أو على تقدير القول وقد جوز أن يكون الظرف خبرا ثانيا على أن كونه سبحانه فيهما عبارة عن كونه تعالى مبالغا فى العلم بما فيهما بناء على تنزيل علمه المقدس عن حصول الصور والأشباح لكونه حضوريا منزلة كونه تعالى فيهما وتصويره به على طريقة التمثيل المبنى على تشبيه حالة علمه تعالى بما فيهما بحالة كونه تعالى فيهما فإن العالم إذا كان فى مكان كان عالما به وبما* فيه على وجه لا يخفى عليه منه شىء فعلى هذا يكون قوله عزوجل (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) أى ما أسررتموه وما جهرتم به من الأقوال أو ما أسررتموه وما أعلنتموه كائنا ما كان من الأقوال والأعمال بيانا وتقريرا لمضمونه وتحقيقا للمعنى المراد منه وتعليق علمه عزوجل بما ذكر خاصة مع شموله لجميع ما فيهما حسبما تفيده الجملة السابقة لا نسياق النظم الكريم إلى بيان حال المخاطبين وكذا على الوجه الثانى فإن ملاحظة الاسم الجليل من حيث المالكية الكلية والتصرف الكامل الجارى على النمط المذكور مستتبعة لملاحظة علمه المحيط حتما فيكون هذا بيانا وتقريرا له بلا ريب وأما على الأوجه الثلاثة الباقية فلا سبيل إلى كونه بيانا لكن لا لما قيل من أنه لا دلالة لاستواء السر والجهر فى علمه تعالى على ما اعتبر فيهما من المعبودية والاختصاص بهذا الاسم إذ ربما يعبد ويختص به من ليس له كمال العلم فإنه باطل قطعا إذ المراد بما ذكر هو المعبودية بالحق والاختصاص بالاسم الجليل ولا ريب فى أنهما مما لا يتصور فيمن ليس له كمال العلم بديهة بل لأن ما ذكر من العلم غير معتبر فى مدلول شىء من المعبودية بالحق والاختصاص بالاسم حتى يكون هذا بيانا له وبهذا تبين أنه ليس ببيان على الوجه الثالث أيضا لما أن التوحد بالإلهية لا يعتبر فى مفهومه العلم الكامل ليكون هذا بيانا له بل هو معتبر فيما صدق عليه المتوحد وذلك غير كاف