(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (١٥٤)
____________________________________
* دخولا أوليا أو ما عاهدتم الله عليه من الإيمان والنذور وتقديمه للاعتناء بشأنه (ذلِكُمْ) إشارة إلى* ما فصل من التكاليف ومعنى البعد لما ذكر فيما قبل (وَصَّاكُمْ بِهِ) أمركم به أمرا مؤكدا (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تتذكرون ما فى تضاعيفه وتعملون بمقتضاه وقرىء بتشديد الذال وهذه أحكام عشرة لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار. عن ابن عباس رضى الله عنهما هذه آيات محكمات لم ينسخهن شىء من جميع الكتب وهن محرمات على بنى آدم كلهم وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار وعن كعب الأحبار والذى نفس كعب بيده إن هذه الآيات لأول شىء فى التوراة بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ تَعالَوْا) الآيات (وَأَنَّ هذا صِراطِي) إشارة إلى ما ذكر فى الآيتين من الأمر والنهى قاله مقاتل وقيل إلى ما ذكر فى السورة فإنها بأسرها فى إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة وقرىء صراطى بفتح الياء ومعنى إضافته إلى ضميره صلىاللهعليهوسلم انتسابه إليه صلىاللهعليهوسلم من حيث السلوك لا من حيث الوضع كما فى صراط الله والمراد بيان أن ما فصل من الأوامر والنواهى غير مختصة بالمتلو عليهم بل متعلقة به صلىاللهعليهوسلم أيضا وأنه صلىاللهعليهوسلم* مستمر على العمل بها ومراعاتها وقوله تعالى (مُسْتَقِيماً) حال مؤكدة ومحل أن مع ما فى حيزها الجر بحذف* لام العلة أى ولأن هذا صراطى أى مسلكى مستقيما (فَاتَّبِعُوهُ) كقوله تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وتعليل اتباعه بكونه صراطه صلىاللهعليهوسلم لا بكونه صراط الله تعالى مع أنه فى نفسه كذلك من حيث أن سلوكه صلىاللهعليهوسلم فيه داع للخلق إلى الاتباع إذ بذلك يتضح عندهم كونه صراط الله عزوجل وقرىء بكسر الهمزة على الاستئناف وقرىء أن هذا مخففة من أن على أن اسمها الذى هو ضمير الشأن محذوف* وقرىء سراطى وقرىء هذا صراطى وقرىء وهذا صراط ربكم وهذا صراط ربك (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) الأديان المختلفة أو طرق البدع والضلالات (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ) بحذف إحدى التاءين والباء للتعدية أى فتفرقكم حسب تفرقها أيادى سبا فهو كما ترى أبلغ من تفرقكم كما قيل من أن ذهب به لما فيه من* الدلالة على الاستصحاب أبلغ من أذهبه (عَنْ سَبِيلِهِ) أى سبيل الله الذى لا عوج فيه ولا حرج وهو دين الإسلام الذى ذكر بعض أحكامه وقيل هو اتباع الوحى واقتفاء البرهان وفيه تنبيه على أن صراطه* صلىاللهعليهوسلم عين سبيل الله تعالى (ذلِكُمْ) إشارة إلى ما مر من اتباع سبيله تعالى وترك اتباع سائر السبل (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) اتباع سبل الكفر والضلالة (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) كلام مسوق من جهته تعالى تقريرا للوصية وتحقيقا لها وتمهيدا لما يعقبه من ذكر إنزال القرآن المجيد كما ينبىء عنه تغيير الأسلوب بالالتفات إلى التكلم معطوف على مقدر يقتضيه المقام ويستدعيه النظام كأنه قيل بعد قوله تعالى (ذلِكُمْ