لكل بروفاجر واشتمال غائلتها على كل مؤمن وكافر فمما لا يساعده المقام على أن بعض أشراط الساعة ليس* مما ينسد به باب الإيمان والطاعة نعم يجوز حمل بعض الآيات فى قوله عزوجل (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) على ما يعم مقترحاتهم وغيرها من الدواهى العظام السالبة للاختيار الذى عليه يدور فلك التكليف فإنه بمنزلة الكبرى من الشكل الأول فيتم التقريب عند وقوعها بدخول ما ينتظرونه فى ذلك دخولا أوليا* ويوم منصوب بقوله تعالى (لا يَنْفَعُ) فإن امتناع عمل ما بعد لا فيما قبلها عند وقوعها جواب القسم وقرىء* يوم بالرفع على الابتداء والخبر هو الجملة والعائد محذوف أى لا ينفع فيه (نَفْساً) من النفوس (إِيمانُها) حينئذ لانكشاف الحال وكون الأمر عيانا ومدار قبول الإيمان أن يكون بالغيب كقوله تعالى (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) وقرىء لا تنفع بالتاء الفوقانية لاكتساب الإيمان من ملابسة المضاف إليه* تأنيثا وقوله تعالى (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) أى من قبل إتيان بعض الآيات صفة لنفسا فصل بينهما* بالفاعل لاشتماله على ضمير الموصوف ولا ضير فيه لأنه غير أجنبى منه لاشتراكهما فى العامل (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) عطف على آمنت بإيراد الترديد على النفى المفيد لكفاية أحد النفيين فى عدم النفع والمعنى أنه لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا لم تقدم إيمانها أو قدمته ولم تكسب فيه خيرا ومن ضرورته اشتراط النفع بتحقق الأمرين أى الإيمان المقدم والخير المكسوب فيه معا بمعنى أن النافع هو تحققهما والإيمان المؤخر لغو وتحصيل للحاصل لا أنه هو النافع وتحققهما شرط فى نفعه كما لو كان المقدم غير المؤخر بالذات فإن قولك لا ينفع الصوم والصدقة من لم يؤمن قبلهما معناه أنهما ينفعانه عند وقوعهما بعد الإيمان وقد استدل به أهل الاعتزال على عدم اعتبار الإيمان المجرد عن الأعمال وليس بناهض ضرورة صحة حمله على نفى الترديد المستلزم لعمومه المفيد بمنطوقه لاشتراط عدم النفع بعدم الأمرين معا وبمفهومة لاشتراط النفع بتحقق أحدهما بطريق منع الخلودون الانفصال الحقيقى فالمعنى أنه لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا لم يصدر عنها من قبل أحد الأمرين إما الإيمان المجرد أو الخير المكسوب فيه فيتحقق النفع بأيهما كان حسبما تنطق به النصوص الكريمة من الآيات والأحاديث وما قيل من أن عدم الايمان السابق مستلزم لعدم كسب الخير فيه بالضرورة فيكون ذكره تكرارا بلا فائدة على أن الموجب للخلود فى النار هو العدم الأول من غير أن يكون للثانى دخل ما فى ذلك قطعا فيكون ذكره بصدد بيان ما يوجب الخلود لغوا من الكلام ـ لغو من الكلام مبنى على توهم أن المقصود بوصف النفس بالعدمين المذكورين مجرد بيان إيجابهما للخلود فيها وعدم نفع الايمان الحادث فى إنجائها عنه وليس كذلك وإلا لكفى فى البيان أن يقال لا ينفع نفسا إيمانها الحادث بل المقصد الأصلى من وصفها بذينك العدمين فى أثناء بيان عدم نفع الايمان الحادث تحقيق أن موجب النفع إحدى ملكتيهما أعنى الايمان السابق والخير المكسوب فيه بما ذكر من الطريقة والترغيب فى تحصيلهما فى ضمن التحذير من تركهما ولا سبيل إلى أن يقال كما أن عدم الأول مستقل فى إيجاب الخلود فى النار فيلغو ذكر عدم الثانى كذلك وجوده مستقل فى إيجاب الخلاص عنها فيكون ذكر الثانى لغوا لما أنه قياس مع الفارق كيف لا والخلود فيها أمر لا يتصور فيه تعدد العلل وأما الخلاص عنها مع دخول الجنة فله مراتب بعضها مترتب على نفس الايمان وبعضها على فروعه