(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ)
____________________________________
عَلَى اللهِ كَذِباً) أى كذبا عظيما لا يقادر قدره (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) التى هى الشرك وجواب الشرط* محذوف لدلالة ما قبله عليه أى إن عدنا فى ملتكم (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها) فقد افترينا على الله كذبا عظيما* حيث نزعم حينئذ أن لله تعالى ندا وليس كمثله شىء وأنه قد تبين لنا أن ما كنا عليه من الإسلام باطل وأن ما كنتم عليه من الكفر حق وأى افتراء أعظم من ذلك وقيل إنه جواب قسم محذوف حذف عنه اللام تقديره والله لقد افترينا الخ (وَما يَكُونُ لَنا) أى وما يصح وما يستقيم لنا (أَنْ نَعُودَ فِيها) فى حال* من الأحوال أو فى وقت من الأوقات (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أى إلا حال مشيئة الله تعالى أو وقت مشيئته* تعالى لعودنا فيها وذلك مما لا يكاد يكون كما ينبىء عنه قوله تعالى (رَبُّنا) فإن التعرض لعنوان ربوبيته تعالى* لهم مما ينبىء عن استحالة مشيئته تعالى لارتدادهم قطعا وكذا قوله تعالى (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها) فإن تنجيته تعالى لهم منها من دلائل عدم مشيئته لعودهم فيها وقيل معناه إلا أن يشاء الله خذلاننا وقيل فيه دليل على أن الكفر بمشيئته تعالى وأيا ما كان فليس المراد بذلك بيان أن العود فيها فى حيز الإمكان وخطر الوقوع بناء على كون مشيئته تعالى كذلك بل بيان استحالة وقوعها كأنه قيل وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وهيهات ذلك بدليل ما ذكر من موجبات عدم مشيئته تعالى له (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) فهو محيط بكل ما كان وما سيكون من الأشياء التى من جملتها أحوال عباده وعزائمهم ونياتهم وما هو اللائق بكل واحد منهم فمحال من لطفه أن يشاء عودنا فيها بعد ما نجانا منها مع اعتصامنا به خاصة حسبما ينطق به قوله تعالى (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) أى فى أن يثبتنا على ما نحن عليه من الإيمان ويتم* علينا نعمته بإنجائنا من الإشراك بالكلية وإظهار الاسم الجليل فى موقع الإضمار للمبالغة فى التضرع والجؤار وقوله تعالى (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ) إعراض عن مقاولتهم إثر ما ظهر له عليه الصلاة* والسلام أنهم من العتو والعناد بحيث لا يتصور منهم الإيمان أصلا وإقبال على الله تعالى بالدعاء لفصل ما بينه وبينهم بما يليق بحال كل من الفريقين أى احكم بيننا بالحق والفتاحة الحكومة أو أظهر أمرنا حتى ينكشف ما بيننا وبينهم ويتميز المحق من المبطل من فتح المشكل إذا بينه (وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) تذييل* مقرر لمضمون ما قبله على المعنيين (وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) عطف على (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ) الخ ولعل هؤلاء غير أولئك المستكبرين ودونهم فى الرتبة شأنهم الوساطة بينهم وبين العامة والقيام بأمورهم حسبما يراه المستكبرون ويجوز أن يكون عين الأولين وتغيير الصلة لما أن مدار قولهم هذا هو الكفر كما أن مناط قولهم السابق هو الاستكبار أى قال أشرافهم الذين أصروا على الكفر لأعقابهم بعد ما شاهدوا صلابة شعيب عليهالسلام ومن معه من المؤمنين فى الإيمان وخافوا أن يستتبوا قومهم تثبيطا لهم عن الإيمان به وتنفيرا لهم عنه على طريقة التوكيد القسمى والله (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) ودخلتم فى دينه وتركتم* دين آبائكم (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) أى فى الدين لاشترائكم الضلالة بهداكم أو فى الدنيا لفوات ما يحصل* لكم بالبخس والتطفيف وإذن حرف جواب وجزاء معترض بين اسم إن وخبرها والجملة سادة مسد