(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) (٩٤)
____________________________________
جوابى الشرط والقسم الذى وطأته اللام (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أى الزلزلة وهكذا فى سورة العنكبوت وفى سورة هود (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) أى صيحة جبريل عليهالسلام ولعلها من مبادى الرجفة فأسند هلاكهم إلى السبب القريب تارة وإلى البعيد أخرى (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) أى فى مدينتهم وفى سورة هود (فِي دِيارِهِمْ* (جاثِمِينَ) أى ميتين لا زمين لأماكنهم لا براح لهم منها (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً) استئناف لبيان ابتلائهم بشؤم قولهم فيما سبق (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) وعقوبتهم بمقابلته* والموصول مبتدأ خبره قوله تعالى (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) أى استؤصلوا بالمرة وصاروا كأنهم لم يقيموا بقريتهم أصلا أى عوقبوا بقولهم ذلك وصاروا هم المخرجين من القرية إخراجا لا دخول بعده أبدا وقوله* تعالى (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) استئناف آخر لبيان ابتلائهم بعقوبة قولهم الأخير وإعادة الموصول والصلة كما هى لزيادة التقرير والإيذان بأن ما ذكر فى حيز الصلة هو الذى استوجب العقوبتين أى الذين كذبوه عليهالسلام عوقبوا بمقالتهم الأخيرة فصاروا هم الخاسرين للدنيا والدين لا المتبعون له عليه الصلاة والسلام وبهذا القصر اكتفى عن التصريح بإنجائه عليه الصلاة والسلام كما وقع فى سورة هود من قوله تعالى (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) الخ (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) قاله عليه الصلاة والسلام بعد ما هلكوا تأسفا بهم لشدة حزنه عليهم ثم* أنكر على نفسه ذلك فقال (فَكَيْفَ آسى) أحزن حزنا شديدا (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) أى مصرين على الكفر ليسوا أهل حزن لاستحقاقهم ما نزل عليهم بكفرهم أو قاله اعتذارا عن عدم شدة حزنه عليهم والمعنى لقد بالغت فى الإبلاغ والإنذار وبذلت وسعى فى النصح والإشفاق فلم تصدقوا قولى فكيف آسى عليكم وقرىء أيسى بإمالتين (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ) إشارة إجمالية إلى بيان أحوال سائر الأمم إثر بيان أحوال الأمم المذكورة تفصيلا ومن مزيدة لتأكيد النفى والصفة محذوفة أى من نبى كذب أو كذبه أهلها* (إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها) استثناء مفرغ من أعم الأحوال وأخذنا فى محل النصب من فاعل أرسلنا والفعل الماضى لا يقع بعد إلا إلا بأحد شرطين إما تقدير قد كما فى هذه الآية أو مقارنة قد كما فى قولك مازيد إلا قد قام والتقدير وما أرسلنا فى قرية من القرى المهلكة نبيا من الأنبياء فى حال من الأحوال إلا حال كوننا آخذين