(قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) (١٤٥)
____________________________________
* وقرىء دكاء أى أرضا مستوية ومنه ناقة دكاء للتى لا سنام لها وقرىء دكا جمع دكاء أى قطعا (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) مغشيا عليه من هول مارآه (فَلَمَّا أَفاقَ) الإفاقة رجوع العقل والفهم إلى الإنسان بعد ذهابهما* بسبب من الأسباب (قالَ) تعظيما لما شاهده (سُبْحانَكَ) أى تنزيها لك من أن أسألك شيئا بغير إذن* منك (تُبْتُ إِلَيْكَ) أى من الجراءة والإقدام على السؤال بغير إذن (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أى بعظمتك وجلالك وقيل أول من آمن بأنك لا ترى فى الدنيا وقيل بأنه لا يجوز السؤال بغير إذن منك (قالَ يا مُوسى) استئناف مسوق لتسليته عليه الصلاة والسلام من عدم الإجابة إلى سؤال الرؤية كأنه قيل إن منعتك* الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظام ما لم أعط أحدا من العالمين فاغتنمها وثابر على شكرها (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ) * أى اخترتك واتخذتك صفوة وآثرتك (عَلَى النَّاسِ) أى المعاصرين لك وهرون وإن كان نبيا كان مأمورا* باتباعه وما كان كلما ولا صاحب شرع (بِرِسالاتِي) أى بأسفار التوراة وقرىء برسالتى (وَبِكَلامِي) * وبتكليمى إياك بغير واسطة (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) أى أعطيتك من شرف النبوة والحكمة (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) على ما أعطيت من جلائل النعم. قيل كان سؤال الرؤية يوم عرفة وإعطاء التوراة يوم النحر (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أى مما يحتاجون إليه من أمور دينهم (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) بدل من الجار والمجرور أى كتبنا له كل شىء من المواعظ وتفصيل الأحكام واختلف فى عدد الألواح وفى جوهرها ومقدارها فقيل إنها كانت عشرة ألواح وقيل سبعة وقيل لوحين وإنها كانت من زمردة جاء بها جبريل عليهالسلام وقيل من زبرجدة خضراء أو ياقوتة حمراء وقيل أمر الله تعالى موسى بقطعها من صخرة صماء لينهاله فقطعها بيده وشققها بأصابعه وعن الحسن رضى الله عنه كانت من خشب نزلت من السماء فيها التوراة وإن طولها كان عشرة أذرع وقيل أنزلت التوراة وهى سبعون وقر بعير يقرأ الجزء منه فى سنة لم يقرأها إلا أربعة نفر موسى ويوشع وعزير وعيسى عليهمالسلام وعن مقاتل رضى الله عنه كتب فى الألواح إنى أنا الله الرحمن الرحيم لا تشركوا بى شيئا ولا تقطعوا السبيل ولا تزنوا ولا تعقوا الوالدين* (فَخُذْها) على إضمار قول معطوف على كتبنا أى فقلنا خذها (بِقُوَّةٍ) بجد وعزيمة وقيل هو بدل من قوله* تعالى فخذ ما آتيتك والضمير للألواح أو لكل شىء لأنه بمعنى الأشياء أو للرسالة أو للتوراة (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) أى بأحسن ما فيها كالعفو والصبر بالإضافة إلى الاقتصاص والانتصار على طريقة الندب والحث على اختيار الأفضل كما فى قوله تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أو بواجباتها فإنها