(يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣٨)
____________________________________
ذكر الافتداء بأن يقال وافتدوا به مع أن الرد والقبول إنما يترتب عليه لا على مباديه للإيذان بأنه أمر محقق الوقوع غنى عن الذكر وإنما المحتاج إلى الفرض قدرتهم على ما ذكر أو للمبالغة فى تحقق الرد وتخييل أنه وقع قبل الافتداء على منهاج ما فى قوله تعالى (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) حيث لم يقل فأتى به فرآه فلما الخ وما فى قوله تعالى (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) من غير ذكر خروجه عليهالسلام عليهن ورأيتهن له والجملة الامتناعية بحالها خبر إن الذين كفروا والمراد تمثيل لزوم العذاب لهم واستحالة نجاتهم منه بوجه من الوحوه المحققة والمفروضة وعن النبى عليه الصلاة والسلام يقال للكافر أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقال له قد* سئلت أيسر من ذلك وهو كلمة الشهادة وقوله تعالى (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) تصريح بما أشير إليه بعدم قبول فديتهم لزيادة تقريره وبيان هو له وشدته قيل محله النصب على الحالية وقيل الرفع عطفا على خبر إن وقيل عطف على (إِنَّ الَّذِينَ) فلا محل له كالمعطوف عليه (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) استئناف مسوق لبيان حالهم فى أثناء مكابدة العذاب مبنى على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل فكيف يكون حالهم أو ماذا يصنعون فقيل يريدون الخ وقد بين فى تضاعيفه أن عذابهم عذاب النار قيل إنهم يقصدون ذلك ويطلبون المخرج فيلفحهم لهب النار ويرفعهم إلى فوق فهناك يريدون الخروج ولات حين مناص وقيل يكادون* يخرجون منها لقوة النار وزيادة رفعها إياهم وقيل يتمنونه ويريدونه بقلوبهم وقوله عزوجل (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) إما حال من فاعل يريدون أو اعتراض وأياما كان فإيثار الجملة الاسمية على الفعلية مصدرة بما الحجازية الدالة بما فى خبرها من الباء على تأكيد النفى لبيان كمال سوء حالهم باستمرار عدم خروجهم منها فإن الجملة الاسمية الإيجابية كما تفيد بمعونة المقام دوام الثبوت تفيد السلبية أيضا بمعونته دوام النفى* لا نفى الدوام كما مر فى قوله تعالى (ما أَنَا بِباسِطٍ) الخ وقرىء أن يخرجوا على بناء المفعول من الإخراج (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) تصريح بما أشير إليه آنفا من عدم تناهى مدته بعد بيان شدته (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) شروع فى بيان حكم السرقة الصغرى بعد بيان أحكام الكبرى وقد عرفت اقتضاء الحال لإيراد ما توسط بينهما من المقال ولما كانت السرقة معهودة من النساء كالرجال صرح بالسارقة أيضا مع أن المعهود فى الكتاب والسنة إدراج النساء فى الأحكام الواردة فى شأن الرجال بطريق الدلالة لمزيد الاعتناء بالبيان والمبالغة فى الزجر وهو مبتدأ خبره عند سيبويه محذوف تقديره وفيما يتلى عليكم أو وفيما فرض عليكم السارق* والسارقة أى حكمهما وعند المبرد قوله تعالى (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ المعنى الذى سرق والتى سرقت وقرىء بالنصب وفضلها سيبويه على قراءة الرفع لأن الإنشاء لا يقع خبرا إلا بتأويل وإضمار والسرقة أخذ مال الغير خفية وإنما توجب القطع إذا كان الأخذ من حرز