الإيمان في حياتهم ، لأن المؤمن الحقّ ، هو الذي يستهدف غايات الإيمان في غاياته ، فيعتبر الملكية للمال وظيفة اجتماعية ، لا امتيازا شخصيا ، وبذلك فإنه يعتبره أمانة الله عنده ، ليكون حاله حال الأمانات الخاصة التي ينبغي للإنسان أن لا يتصرف فيها إلا بما ينسجم مع رضا أصحابها وتوجيهاتهم. ومن هنا يعتبر سبيل الله في الإنفاق ، هو السبيل الذي يجب أن يحكم ملكيته للمال ، فليس له أن يبتعد عنه ولا أن يقترب من غيره ، لأن معنى ذلك اتباع سبيل الشيطان ، في ما يتبع الناس من سبيل الانحراف (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) لأنهم تمرّدوا على الله ، فخالفوا أمره ، وواقعوا نهيه ، واتبعوا خطوات الشيطان الذي يأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) لتتحول كل تلك الكنوز التي ادخروها ومنعوها عن أهلها إلى نار تحرق الجباه والظهور والجنوب ، (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) ويقال لهم في تلك الحال ، إننا لم نظلمكم ولم نأت لكم بشيء من عندنا ، بل كل هذا الذي ترونه ، هو ما جمعتموه من المال في الدنيا ، فتحوّل إلى لهيب في الآخرة ، (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) ومنعتموه عن الآخرين البائسين المحرومين (فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) لأن الإنسان لا يجني إلا ثمرة عمله ؛ إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ.
* * *
آية الكنز عامة وشاملة لكل الناس
وفي ضوء هذا العرض الذي قدمناه ، نفهم أن الآية لا تختص بأهل الكتاب ، وإن جاءت في سياق الحديث عنهم ، بل هي شاملة لكل الناس ، لأنها