نجاسة المشركين مادية ومعنوية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) فهم القذارة كلّها ، في ما توحي به كلمة النجس ، التي هي مصدر يمثّل المعنى الذي إذا نسب إلى الشخص ، فإنه يعبّر عن تجسيد هذا الشخص له.
* * *
اختلاف الفقهاء حول المقصود بالنجاسة
وقد اختلف الفقهاء في المقصود بالنجاسة ، فهل هي النجاسة المادية التي تترك أثرها على الجسد ، ويترتب عليها أحكام النجاسة ، أم هي النجاسة المعنوية التي توحي بالحاجز النفسي الذي يفصل المسلمين عنهم ، في ما تمثله قذارة الفكر الشركي والممارسة العبادية للأصنام ، مما يبعدهم عن الأجواء الروحية العبادية التي تعيشها أماكن العبادة التي أعدها الله للعاكفين والركع السجود الذين يعيشون وحدة الله في العقيدة وفي العبادة ، من خلال وجود المشركين هناك؟
ولعلّ المعنى الثاني أقرب إلى جوّ الآية من خلال الفقرة التالية : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) فإن مضمونها لا يتناسب مع النجاسة المادية ، ولذا لا يلتزم الفقهاء بحرمة إدخال النجاسات إلى المسجد الحرام إذا لم يستلزم هتكا ، كالدم أو البول الموضوع في قارورة ، أو جلد الميتة أو لحمها ونحو ذلك ، ولهذا ناقش في دلالتها على النجاسة ، الفقهاء الذين يرون نجاسة المشرك ، ولكن من خلال دليل آخر ، لأن الآية من خلال ما أشرنا إليه ، لا توحي إلا بالتنافر الروحي والمعنوي بين ما يمثله المشركون من عبادة