بذلك على ما يحكيه عنهم القرآن ، وإن كانت التوراة الحاضرة اليوم لا خبر فيها عن المعاد أصلا». ويستفيد ذلك من «أنه تعالى لم يفرق في كلامه بين الإيمان به والإيمان باليوم الآخر ، فالكفر بأحد الأمرين كفر بالله ، والكفر بالله كفر بالأمرين جميعا ، وحكم فيمن فرق بين الله ورسله فآمن ببعض دون بعض أنه كافر كما قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً* أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) [النساء: ١٥٠ ـ ١٥١] ويتابع صاحب هذا الاتجاه وهو العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان فيقول: «فعدّ أهل الكتاب ممن لم يؤمن بنبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كفارا حقا وإن كان عندهم إيمان بالله واليوم الآخر ، لا بلسان أنهم كفروا بآية من آيات الله وهي آية النبوة ، بل بلسان أنهم كفروا بالإيمان بالله ، فلم يؤمنوا بالله واليوم الآخر ، كما أن المشركين أرباب الأصنام كافرون بالله إذ لم يوحّدوه وإن أثبتوا إلها فوق الآلهة. على أنّهم يقررون أمر المبدأ والمعاد تقريرا لا يوافق الحق بوجه كقولهم بأن المسيح ابن الله وعزيزا ابن الله يضاهئون في ذلك قول الذين كفروا من أرباب الأصنام والأوثان ، أن من الآلهة من هو إله أب إله ، ومن هو إله ابن إله وقول اليهود في المعاد بالكرامة ، وقول النصارى بالتفدية» (١).
* * *
الكفر العملي والكفر النظري
ولكن هذا الرأي لا ينسجم مع ظهور الآية في نفي الإيمان بالله واليوم الآخر ، لأن الظاهر منها نفي هذا الإيمان من خلال المبدأ لا من خلال
__________________
(١) ـ تفسير الميزان ، ج : ٩ ، ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦.