التفاصيل ، ولا بد لنا من أن نفرّق في التعبير القرآني بين كلمة الكافر بشكل مطلق ، وبين الكافر بالله واليوم الآخر ، فإن من الممكن إطلاق الكلمة الأولى على الذين ينحرفون في تفاصيل الإيمان بالله أو بالنبوّة ، من خلال ما يعبر عنه ذلك من رفض للحقيقة الواضحة. أمّا الكلمة الأولى ، فلا تنطبق إلا على الجحود بالأساس ، إذا أردنا للتعبير أن يجري على سبيل الحقيقة ، وليس في الآية التي ذكرناها دليل على الدعوى ، لأنها تتحدث عن هؤلاء الذين يضمرون في داخلهم الكفر ، ويحاولون اللعب على مسألة الإيمان بالأسلوب المتلوّن الذي يوحي بارتباطه برسول دون رسول ، في الوقت الذي لا يعيشون الإيمان بالأساس ، وإن تظاهروا به.
ولهذا فإننا لا نجد في هذا الاستظهار ، انسجاما مع ظهور الآية بحسب المفهوم العرفيّ منها.
ونستقرب منها أن تكون في مجال إعطاء صورة عن الواقع الذي يعيشه هؤلاء الناس الذين لا يرتبطون بقضيّة الإيمان بشكل جدّي ، بل يعتبرونه واجهة لحياتهم ، بعيدا عن قضية الالتزام بالمضمون ، ليبقى لهم الشكل فقط. ولهذا فإنهم لا يقفون أمام الحرمات التي حرّمها الله عليهم ، بل يتجاوزونها ويتلاعبون بها في عملية لفّ ودوران ، ولا يدينون بدين الحق الذي يمثل حقائق الرسالة الإلهية من خلال ما تشتمل عليه من مبادئ وتفاصيل ، ولهذا لم يكن وجودهم في داخل المجتمع الإسلامي أمرا طبيعيا من دون ضوابط عمليّة تحدّد لهم حدودهم وتعرّفهم أصول العلاقات التي تربطهم بهذا المجتمع ، ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ، فكانت الجزية هي المظهر للإخضاع لسلطة الحكم من خلال الشروط العادلة الواقعية التي تحفظهم في عقيدتهم وإنسانيتهم ، بالطرق التي لا تتنافي مع النظام العام.
وربّما كان الأسلوب القرآني في حديثه المتنوع عن أهل الكتاب ، شاهدا