مسئولية الموقع
وربما نحتاج إلى إثارة ملاحظة حول كلمة «الباطل» لنستوحي منها كل الوسائل غير الشرعية التي يتخذونها سبيلا لأخذ الأموال من الناس بغير حقّ ، فلا تشمل الهدايا والعطايا التي يقدمها الناس إليهم عن طيب خاطر ، إلا في ما إذا لم يكونوا بالمستوى الذي يفرضه مركزهم من خدمة الناس في دينهم وفي تثقيفهم وتوعيتهم ، كما في الكثيرين الذين يتخذون من الموقع الديني وسيلة للبطالة الاجتماعية ، فلا يشعرون بأيّة مسئوليّة تجاه الناس في مجال الدعوة والتبليغ ، بل يحاولون أن يتحدثوا معهم من مركز فوقيّ يوحي إليهم بالتّرفّع والمنّة لأقل خدمة يقدمونها إليهم ، ويعتبرون أن مستواهم لا يقترب من مستوى الناس البسطاء الفقراء ، فيتقربون من المترفين والأغنياء ، ويبتعدون عن المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجه الله. إن مثل هؤلاء لا يستحقون المال الذي يأكلونه حتى إذا كان من الصدقات والضرائب الشرعيّة ، لأنهم لم يقدّموا للناس ولله شيئا في مقابل ذلك ، ولولا الموقع الديني الذي يشغلونه لما أعطاهم الناس شيئا من ذلك ، مما يعني أن العطاء هو للموقع لا للشخص. وبذلك نفهم ما معنى مسئولية الموقع في حركة الشخص في الحياة. (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) لأنهم لا يريدون للحياة أن تسير في طريقه ، بل يريدون لها أن تخضع لشهواتهم وأطماعهم.
* * *