وجههم ، أو يحقّق لهم استمرار حياتهم بشكل طبيعيّ؟
وقد قيل إن أبا ذرّ الغفاري (رضوان الله عليه) واجه معاوية وعثمان بهذه الآية ، وكانت وجهة نظر معاوية أنها مختصة بأهل الكتاب ، وكان جواب كعب الأحبار في مجلس عثمان ، أنها لا تشمل الذين يخرجون الزكاة ، وكان ردّ أبي ذر حاسما في رفض الجوابين.
أو هم هؤلاء الذين يجمعون المال ويدّخرونه حبّا في المال ، وبخلا به ، من خلال شهوة ذاتيّة في طلبه ، فلا يدفعون منه شيئا من حقوق الله أو من حقوق الناس؟
وبكلمة موجزة ، هل هي من الآيات التي تتضمن تشريعا عاما يختلف عن التشريعات التفصيلية في نطاق الضرائب الشرعية كالزكاة والخمس ونحوهما ، أو هي من الآيات التي تتحرك في أجواء هذه التشريعات لتعالج مسألة نوعية العقاب الذي يترتب على الممتنعين عن دفع الضرائب الشرعيّة ، أو هي واردة في اتجاه آخر؟
ربما يجد بعض المحققين من المفسّرين ، أن الآية تعالج قضيّة إخفاء المال عن الأنظار ، والامتناع عن تحريكه في أجواء السوق التجاريّة ، أو في مجالات الإنفاق العام الذي قد يتمثل في الحقوق الشرعية الواجبة ، أو في ما يفرضه وليّ الأمر من إنفاقات طارئة بسبب ما يحتاجه أمر الإسلام والمسلمين ، مما يجعل من إخفائه مانعا عن الاطلاع عليه للاستفادة من ذلك في مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تحدث لأولياء الأمور ، ويوضّح هذا المحقق ، وهو العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان هذه الفكرة فيقول : «فالآية إنما تنهى عن الكنز لهذه الخصيصة التي هي إيثار الكانز نفسه بالمال من غير حاجة إليه ، على سبيل الله مع قيام الحاجة إليه ، وناهيك أن الإسلام لا يحدّ أصل الملك من جهة الكمّية بحدّ ، فلو كان لهذا الكانز أضعاف ما كنزه من الذهب والفضة ولم