جان هس المردودة واجبة التسليم وكل مسألة من مسائلك شيطانية كفرية. فلذلك أسلم مسائل جان هس المردودة واستعد لتأييدها بفضل الله». انتهى. وكان من مسائل جان هس (إن السلطان أو القسّيس إذا ارتكب كبيرة من الكبائر لا يبقى سلطانا وقسّيسا). فلما كانت جميع مسائله مسلمة عند رئيس المصلحين ، كانت هذه المسألة أيضا مسلمة. فعلى هذا لا يخرج أحد من مقتديه أهلا للسلطنة أو القسّيسية لأنه لا يوجد أحد منهم لا يصدر عنه كبيرة من الكبائر. والعجب كل العجب أن العصمة ليست شرطا للأنبياء وهم ما كانوا معصومين عند الرئيس ، وتشترط للسلطان والقسّيس ، لعلّ منصب النبوّة أدون من منصب القسّيسية عنده. وأما ألفاظ الرئيس المذكور في حق السلطان الأعظم هنري الثامن ، فهذه ، قال في الصفحة ٢٧٧ من المجلد السابع المطبوع سنة ١٥٥٨ هكذا : ١ ـ لا ريب أن لوطر يخاف إذ بذل السلطان هذا القدر من ريقه في الكذب واللّغو. ٢ ـ إني أتكلم مع الكاذب الديوث ولمّا لم يراع هو لأجل الحمق منصبه السلطاني فلم لا أرد كذبه في حلقومه؟ ٣ ـ أيها الحوض الخشبي الجاهل أنت تكذب وسلطان أحمق سارق الكفن. ٤ ـ كذا يلغو هذا السلطان الأحمق المصر. انتهى. والظاهر ان أمثال هذه الألفاظ يكون إطلاقها على الخصم جائزا عند علماء بروتستنت إلّا أن يقولوا إنها وقعت منه بمقتضى البشرية. فأقول إني إن شاء الله لا أذكر عمدا لفظا يوازن لفظا من ألفاظ مقتداهم في حق العلماء المسيحية. لكن لو صدر من غير العمد لفظ لا يكون مناسبا لشأنهم في زعمهم أرجو منهم المسامحة والدعاء. قال المسيح عليهالسلام : «باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم». كما هو مصرّح في الباب الخامس من إنجيل متّى.
الأمر السادس : إنه كثر في ديار أوروبا وجود الذين يعبّر علماء بروتستنت عنهم بالملاحدة وهم ينكرون النبوّة والإلهام ويستهزءون بالمذاهب ، سيما بالمذهب المسيحي ، ويسيئون الأدب بالنسبة إلى الأنبياء ، سيما بالنسبة إلى المسيح عليهالسلام ، ويزيدون في الديار المذكورة يوما فيوما. واشتهرت كتبهم في أقطار العالم ، فيجيء نقل أقوالهم أيضا على سبيل القلّة في هذا الكتاب. فلا يظن من هذا النقل أحد أني أستحسن أقوالهم وأفعالهم. حاشا وكلا لأن منكر نبيّ من الأنبياء الذين ثبتت نبوّتهم عندنا ، سيما منكر المسيح عليهالسلام. كمنكر محمد صلىاللهعليهوسلم ، بل النقل لتنبيه علماء بروتستنت ليعلموا أن ما أوردوا على الملّة الإسلامية ليس بشيء بالقياس مما أورد أهل ديارهم وصنفهم على الملّة المسيحية.
الأمر السابع : إن عادة أكثر علماء بروتستنت في تحرير جواب المخالف جارية بأنهم يتفحصون في كتابه بنظر العناد والاعتساف ، فإن وجدوا في جميع الكتاب الأقوال القليلة ضعيفة اغتنموها ونقلوها لتغليط العوامّ ، ثم يقولون إن جميع كتابه من هذا القبيل. والحال