عند هؤلاء المحقّقين العظام إلهاميّا ، بل يكون مجموعا من الروايات المشهورة. لأنه إذا لم يكن كل تحرير النبي بعد نبوّته إلهاميّا ، كما اعترف به المحقّق هورن وغيره على ما عرفت ، فكيف يكون هذا التحرير الذي هو قبل النبوّة إلهاميّا؟ قال وارد كاتلك في الصفحة ٣٨ من كتابه المطبوع سنة ١٨٤١ : «قال لوطر في الصفحة ٤٠ و ٤١ من المجلد الثالث من كتابه : لا نسمع من موسى ولا ننظر إليه لأنه كان لليهود فقط ، ولا علاقة له بنا في شيء ما ، وقال في كتاب آخر : نحن لا نسلّم موسى ولا توراته لأنه عدوّ عيسى». ثم قال : «إنه أستاذ الجلّادين. ثم قال : «لا علاقة للأحكام العشرة بالمسيحيين». ثم قال : «لنخرج هذه الأحكام العشرة لتزول كل بدعة حينئذ لأنها منابع البدعات بأسرها». وقال أسلي بيس تلميذه : «هذه الأحكام العشرة لا تعلّم في الكنائس. وخرجت فرقة أنتي نومينس من هذا الشخص ، وكان عقيدتهم أن التوراة ليس بلائق أن يعتقد أنه كلام الله. وكانوا يقولون : إن أحدا لو كان زانيا أو فاجرا أو مرتكبا ذنوبا أخر فهو في سبيل النجاة البتّة وإن غرق في العصيان بل في قعره ، وهو يؤمن فهو في سرور. والذين يصرفون أنفسهم في هذه الأحكام العشرة فعلاقتهم بالشيطان صلب هؤلاء بموسى». انتهى. فانظروا إلى أقوال إمام فرقة بروتستنت وتلميذه الرشيد كيف قالا في حق موسى عليهالسلام وتوراته. فإذا كان موسى عدوّ عيسى عليهماالسلام وأستاذ الجلّادين ولليهود فقط ، ولا يكون التوراة كلام الله ، ولا يكون لموسى ولا لتوراته ولا للأحكام العشرة علاقة بالمسيحيين ، وتكون هذه الأحكام قابلة الإخراج ومنابع البدعات ، ويكون الذين يتمسكون بها علاقتهم بالشيطان ، فيلزم أن ينكر متّبعو هذا الإمام التوراة وموسى عليهالسلام ، ويكون الشرك وعبادة الأوثان وعدم تعظيم الأبوين وإيذاء الجار والسرقة والزنا والقتل والشهادة الزور من أركان الملّة البروتستنية ، لأن خلاف هذه الأحكام العشرة التي هي منابع البدعات الأشياء المذكورة. قال البعض من هذه الفرقة لي أيضا : إن موسى عندنا ما كان نبيّا بل كان عاقلا مدوّنا للقوانين. وقال البعض الآخر من هذه الفرقة : إن موسى عندنا كان سارقا لصّا. فقلت : اتّق الله. قال : لم؟ وإن عيسى عليهالسلام قال : «جميع الذين أتوا قبلي هم سرّاق ولصوص ، ولكن الخراف لم تسمع لهم» ، كما هو مصرّح في الآية الثامنة من الباب العاشر من إنجيل يوحنّا ، فأشار بقوله : جميع الذين أتوا قبلي إلى موسى وغيره من الأنبياء الإسرائيلية. أقول : لعلّ متمسّك إمام هذه الفرقة المذكورة وتلميذه الرشيد في ذمّ موسى وتوراته يكون هذا القول.
الثاني عشر : قال إمام فرقة بروتستنت لوطر في حق رسالة يعقوب : «إنها كلام ، يعني لا اعتداد بها». وأمر يعقوب الحواري في الباب الخامس من رسالته «إذا مرض أحد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلّوا عليه ويدهنوه». فاعترض عليه الإمام المذكور في المجلد الثاني من