عليها وقوفا جيدا على ما كان عادته قبل تأليفها بدون الرجوع إليها. إلّا أنه يحصل الإيقان الجيّد بصدق الأناجيل في الصورتين ، لأن الأمر في صورة الرجوع ظاهر. وأما في غيرها فيظهر تصديق الأناجيل أيضا ، لأن ألفاظه موافقة لها وكانت مشهورة بحيث كان هو وأهل قورنيثوس عالمين بها. فهو يعطينا الجزم بأن الإنجيليين كتبوا ألفاظ المسيح التي عملها ربّنا وقت تعلّم الحلم والرياضة حقا وصدقا. وهذه الألفاظ لائقة أن تحفظ بكمال الأدب ، وإن كان المشكل هاهنا. لكنني أتخيل مع ذلك أن يكون رأي أكثر الأفاضل موافقا لرأي ليكلرك. نعم يعظ بولس في الآية ١٥ من الباب العشرين من كتاب الأعمال هكذا : تذكّروا كلمات الربّ يسوع أنه قال إن العطاء مغبوط أكثر من الأخذ. وأنا أجزم أنه سلم عموما أن بولس ما نقل عن مكتوب ما ، بل نقل الألفاظ المسيحية التي كان هو وهم واقفين منها. لكن لا يلزم منه أن يفهم طريق الرجوع دائما هكذا ، بل يمكن استعمال مثل هذا الطريق في المكتوب وغيره. ونحن نجد أن پوليكارب يستعمل هذا الطريق ، والغالب بل المتيقن أنه ينقل من الأناجيل المكتوبة». انتهى كلامه.
فظهر من كلامه أنه لا يثبت جزما عند علمائهم أن كليمنس نقل عن هذه الأناجيل ، بل من ادّعى النقل ادّعى ظنّا ، وقوله : (يحصل الإيقان الجيد بصدق الأناجيل في الصورتين) مردود ، لأنه يحصل الشك بأن الإنجيليين ، كما نقلوا هاهنا كلام المسيح بالزيادة والنقصان ، فكذا يكون نقلهم في المواضع الأخر ، وما نقلوا الأقوال كما كانت. ولو قطعنا النظر عن هذا ، فنقول إنه يلزم من كلام كليمنس أن هذه الفقرات في هذه الأناجيل من كلام المسيح ، ولا يلزم منه أن المنقول فيها كله أيضا. كذلك إذ لا يلزم من اشتهار بعض الأقوال اشتهار سائر الأقوال ، وإلّا يلزم أن يكون سائر الأناجيل الكاذبة عندهم أيضا صادقة ، بشهادة كليمنس أن بعض فقرات مكتوبة توافقها أيضا يقينا. وقوله : (نحن نجد أن پوليكارب يستعمل هذا الطريق إلخ) مردود ، لأنه من تابعي الحواريين أيضا مثل كليمنس. فحاله كحاله ، ولا يكون نقله عن الأناجيل مظنونا بالظن الغالب ، فضلا عن أن يكون متيقنا. بل يجوز أن يكون حاله عند استعماله هذا الطريق كحالة مقدسهم بولس.
إذا عرفت حال كليمنس الذي هو أعظم الشاهدين ، أحكي لك حال الشاهد الثاني الذي هو أكناثيوس الذي هو من تابعي الحواريين أيضا ، وكان أسقف انطاكية. قال لاردنر في المجلد الثاني من تفسيره : «إن يوسي بيس وجيروم ذكرا سبعة مكتوبات له ، وما سواها مكتوبات أخر منسوبة إليه أيضا يعتقدها جمهور العلماء أنها جعليات. وهو الظاهر عندي أيضا. وللمكتوبات السبعة نسختان : إحداهما كبيرة ، والأخرى صغيرة. واعتقاد الكل ، إلّا مستر وستن واثنين أو أربعة من تابعيه ، أن النسخة الكبيرة زيد فيها ، والنسخة الصغيرة قابلة أن