فكذلك يجوز أن يكون بعض الفقرات التي يفهمها المدّعون أنها أسناد جعليّة أيضا ، وأمثال هذه الأمور ليست بمستبعدة من عادات هؤلاء الناس.
قال يوسي بيس في الباب الثالث والعشرين من الكتاب الرابع من تاريخه : «قال ديوني سيش أسقف كورنتيه : إني كتبت مكتوبات باستدعاء الإخوة وهؤلاء خلفاء الشيطان ملؤها بالنجاسة. بدّلوا بعض الأقوال وأدخلوا البعض ، فحصل لي حزن مضاعف. ولذلك لا عجب ان أراد أحد للإلحاق في كتب ربّنا المقدسة ، لأنهم أرادوا في الكتب التي ما كانت في رتبتها». انتهى كلامه. وقال آدم كلارك في مقدمة تفسيره : «إن الكتب الكبيرة من تصنيفات أرجن فقدت ، وكثير من تفاسيره باق ، لكنه يوجد فيها شرح تمثيلي وخيالي بالكثرة. وهو دليل قوي على وقوع التحريف فيها بعد أرجن». انتهى.
قال المعلّم ميخائيل مشّاقة من علماء بروتستنت في الفصل العاشر من القسم الأول من كتابه العربي المسمى بأجوبة الإنجيليين على أباطيل التقليديين : «وأما تحريفهم لأقوال الآباء القدماء فلا بدّ أن نقدّم دلائله لئلا نوقف أنفسنا في موقف مخالفينا بأن تكون دعاوينا مثلهم بلا برهان. فنقول : إن الأفشين المنسوب إلى يوحنّا فم الذهب الذي يتلى في الكنائس في خدمة سرّ الأفخار تستيا لا نجده مطابقا عند الطائفة الواحدة لما عند الطائفة الأخرى. لأن عند الروم يطلب فيه من الأب السماوي أن يرسل روحه القدوس على الخبز والخمر ناقلا إياهما إلى لحم ودم. وأما عند الكاثوليكيين منهم فيقال فيه أن يرسله على الخبز والخمر لكي ينتقلا ويستحيلا. ولكن في مدة رئاسة السيد مكسيموس قد غيّروا فيه وقالوا المنتقلان المستحيلان هربا من دعوى الروم عليهم بأن الاستحالة تتمّ به. وأما عند سريان الكاثوليك فيقال أرسل روحك القدّوس على هذا الخبز الذي هو سرّ جسد مسيحك ، ولا يوجد فيه كلام يدلّ على الاستحالة. وربما هذا هو قول فم الذهب الأصلي. لأن تعليم الاستحالة في عصره لم يكن قد تقرر في الكنائس. وأما السيد يابيطا مطران صيد الذي أنشأ الانشقاق في كنيسة الروم وصار كاثوليكيا ، ففي خطابه لمجمع رومية سنة ١٧٢٢ ، يقول في هذه القضية : إنه موجود عندي كتب في طقس قدّاسنا يونانية وعربية وسريانية قد قابلناها على النسخة المطبوعة في رومية للرهبان الباسليين ، وجميعها لم يكن فيها كلام يدلّ على الاستحالة ، وإنما هذه القضية وضعها في قدّاس الروم نيكفورس بطريق القسطنطينية. وهي موجبة الضحك لمن يتأمل فيها. انتهى. فإذا كان أفشين مثل هذا القدّيس الشهير بين الآباء شرقا وغربا يتلى يوميا في كنائس جميع الطوائف قد لعبوا فيه وغيّروه أشكالا كأغراضهم ، ولم يخجلوا من إبقائهم نسبته إلى هذا القدّيس ، فمن أين تبقى لنا ثقة بذمّتهم أنهم لم يحرّفوا أقوال بقية الآباء كأهوائهم مع إبقاء عنوانها باسمهم؟ هذا وان ما حصل بمشاهدتنا منذ سنين قريبة ، أن الشماس غبريل