حكما من أحكام الإنجيل لا ينسخ لأن النسخ قد وقع في أحكامه أيضا لما عرفت وستعرف في الباب الثالث مفصّلا إن شاء الله تعالى. فالصحيح أن الإضافة في لفظ (كلامي) الواقع في الآية الأولى للعهد والمراد به الكلام الذي أخبر فيه عن الحوادث الآتية ـ كما اختار المفسّر دوالي ورجرد منيت على مختار القسّيس بيرس ودين أستان هوب وستعرف في الباب المذكور ، وليست هذه الإضافة للاستغراق ليفيد أن كل كلامي يبقى إلى الأبد ، سواء كان حكما أو غيره ، وانه لا يصحّ أن ينسخ حكم من أحكامي ، وإلّا لزم كذب إنجيلهم في الأحكام المنسوخة. على أن عدم الزوال في الآية الثانية كان مقيّدا بقيد الكمال ، وقد حصل كمال أحكام التوراة في الشريعة العيسوية ، على زعم القسّيس النبيل. فلا مانع للزوال بعده. ولفظ (إلى الأبد) في الآية الثالثة محرّف إلحاقي لا وجود له في أقدم النسخ وأصحّها. ولذلك كتب قوسان في جانبه هكذا (إلى الأبد) في النسخة العربية المطبوعة سنة ١٨٦٠ في بيروت. وقد قال طابعوه ومصحّحوه في التنبيه الذي أوردوه في الديباجة هكذا : و «الهلالان يدلّان على أن الكلمات التي بينهما ليس لها وجود في أقدم النسخ وأصحّها». انتهى. وقول بطرس الحواري : (كلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد) كقول أشعيا : (كلمة ربّنا تدوم إلى الأبد). فكما لا يفيد قول أشعيا عليهالسلام عدم نسخ حكم التوراة ، فكذلك لا يفيد قول بطرس عدم نسخ حكم الإنجيل. والتأويل الذي يجري في قول أشعيا ، فهو بعينه يجري في قول بطرس. فهذه الآيات الأربع لا يصحّ التمسّك بها في مقابلة أهل الإسلام لإبطال النسخ المصطلح عندهم ، ولذلك كانت أقوال القسّيس النبيل مضطربة في التمسّك بهذه الآيات وقت المناظرة التي وقعت بيني وبينه ، كما لا يخفى على ناظر رسائلها التي طبعت باللسان الفارسي ولسان أردو في دهلي وأكبرآباد مرارا.
القول الخامس : نقل القسّيس النبيل قول الفاني في بيان مذهب الشيعة الاثني عشرية في حق القرآن المجيد من كتابه المسمّى بدبستان في الفصل الثالث من الباب الأول من ميزان الحق في الصفحة ٢٩ وحرّف قوله حيث كانت عبارته هكذا : (بعضي أزيشان كوبند كه عثمان مصحف را سوخته) إلخ. ونقل القسّيس النبيل هكذا ، كه (مى كويند) ، فأسقط لفظ (بعضي أريشان) ، وزاد لفظ (مي) ليكون النسبة بحسب الظاهر إلى كل الفرقة. وهكذا نقل القسّيس النبيل عبارة الاستفسار في الصفحة ١٠٣ من كتابه حلّ الإشكال هكذا : «قوانين الصرف والنحو والمعاني والبيان وسائر الفنون لا ترى قبل عهد الإسلام عند أحد من اليهود والمسيحيين». انتهى. وما كان في عبارة الاستفسار لفظ سائر الفنون بل كان بدله مفردات اللغة. وكان غرض صاحب الاستفسارات الفنون التي تتعلق باللسان الأصلي للتوراة والإنجيل ما كانت قبل عهد الإسلام عند أحد من اليهود والمسيحيين ، فحرّف القسّيس النبيل