وبيّن في بعضها وجوب إطاعة الشريعة الموسوية ووجوب الختان مع إطاعة الإنجيل. ويعلم إشارة الحواري إلى واحد من هذه الأناجيل». انتهى. فعلم من إقرار المفسّر أن هذه الأناجيل الكاذبة كانت موجودة قبل إنجيل لوقا وقبل تحرير بولس رسالته إلى أهل غلاطية. ولذلك قال المفسّر أولا : (وكثرة هذه الأحوال) إلى آخره. وهذا موافق لما قال في المجلد الخامس من تفسيره كما عرفت. وقال ثانيا : (ويعلم إشارة الحواري إلى واحد من هذه الأناجيل) فثبت أن المراد بالإنجيل في كلام مقدسهم الإنجيل المدوّن لا معناه المرتكز في ذهن المصنّف ، كما يظهر في بعض مغالطات علماء بروتستنت (١).
القول الثالث : في الباب الحادي عشر من الرسالة الثانية لبولس إلى أهل قورنثيوس هكذا : «١٢ لكني سأفعل ما أفعله لأحجب الفرصة عن الذين يريدون أن يغتنموا الفرصة ليصيروا مثلنا فيما يفتخرون به ١٣ لأن نظائر هؤلاء هم الرّسل الكذّابون والعلمة الغدّارون قد تشبّهوا برسل المسيح». فمقدّسهم ينادي بأعلى نداء أن الرّسل الكذّابين الغدّارين ظهروا في عهده ، وقد تشبّهوا برسل المسيح. قال آدم كلارك في تفسيره في شرح هذا المقام : «هؤلاء الأشخاص كانوا يدّعون كذبا أنهم رسل المسيح ، وما كانوا رسل المسيح في نفس الأمر. وكانوا يعظون ويجتهدون لكن مقصودهم ما كان إلّا جلب المنفعة». انتهى.
القول الرابع : الآية الأولى من الباب الرابع من رسالة يوحنّا الأولى هكذا : «فلا تؤمنوا أيها الأحبّاء بكل روح من الأرواح ، بل امتحنوا الأرواح حتى تعلموا هل هي من عند الله أم لا لأن كثيرا من الأنبياء الكذبة برزوا إلى هذا العالم». فيوحنّا الحواري أيضا ينادي مثل بولس أن كثيرا من الأنبياء الكذبة ظهروا في عهده. قال آدم كلارك في شرح هذا المقام : «كان كل معلّم في الزمان الأول يدّعي أن روح القدس يلهمني ، لأن كل رسول معتبر جاء هكذا. والمراد بالروح هاهنا إنسان يدّعي بأني أثر الروح وأعلم على وفق ما يقول قوله ، بل امتحنوا الأرواح يعني امتحنوا المعلّمين بالدليل قوله لأن كثيرا من الأنبياء الكذبة يعني المسلمين الذين لم يلهمهم روح القدس سيما من اليهود». انتهى. فعلم من كلام المفسّر أن كل معلّم كان يدّعي الإلهام في الزمان الأول. وقد علم من كلامه فيما قبل ، أن تشبّههم برسل المسيح ومكرهم وغدرهم كان لكسب المال وجلب المنفعة. فمدعو الإلهام والرسالة كانوا كثيرين جدا.
__________________
(١) ما فهم من كلام بولس أنه كان في عهد الحواريين إنجيل يسمّى بإنجيل المسيح هو الحق وهو القريب من القياس ، وهو مختار الفاضل أكهارن وكثير من المتأخرين من علماء الجرمن ، وإليه مال المحقّق ليكلرك وكوب وميكايلس وليسنك ونيمير ومارش.