المحرّف من أهل الديانة أو من المبتدعين. وما ألزم أحد في المبتدعين القدماء أزيد من مارسيون ، وما استحق الملامة أحد أزيد منه بسبب هذه الحركة الشنيعة. وهذا الأمر أيضا محقّق أن بعض التحريفات القصدية صدرت عن الذين كانوا من أهل الديانة والدين ، وكانت هذه التحريفات ترجّح بعدهم لتؤيّد بها مسألة مقبولة أو يدفع بها الاعتراض الوارد عليها». انتهى كلامه ملخصا.
وأورد هورن أمثلة كثيرة في بيان أقسام كل سبب من الأسباب الأربعة. ولمّا كان في ذكرها طول تركتها. لكن أذكر الأمثلة التي نقلها التحريف أهل الديانة والدين من كتاب فاف ، قال : «مثلا ترك قصدا الآية الثالثة والأربعين من الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا ، لأن بعض أهل الدين ظنّوا أن تقوية الملك للربّ منافية لألوهيته. وترك قصدا في الباب الأول من إنجيل متّى هذه الألفاظ (قبل أن يجتمعا) في الآية الثامنة عشر ، هذه الألفاظ (ابنها البكر) في الآية الخامسة والعشرين ، لئلا يقع الشك في البكارة الدائمة لمريم عليهاالسلام. بدّل لفظ اثني عشر بأحد عشر في الآية الخامسة من الباب الخامس عشر من الرسالة الأولى لبولس إلى أهل قورنيثوس ، لئلا يقع إلزام الكذب على بولس لأن يهودا الإسخريوطي كان قد مات قبل. وترك بعض الألفاظ في الآية الثانية والثلاثين من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس ، وردّ هذه الألفاظ بعض المرشدين أيضا ، لأنهم تخيلوا أنها مؤيدة لفرقة إيرين ، وزيد بعض الألفاظ في الآية الخامسة والثلاثين من الباب الأول من إنجيل لوقا في الترجمة السريانية والفارسية والعربية وأتهيوبك وغيرها من التراجم وفي كثير من نقول المرشدين في مقابلة فرقة لوتي كينس ، لأنها كانت منكرة أن عيسى عليهالسلام فيه صفتان». انتهى. فبيّن هورن جميع الصور المحتملة في التحريف ، وأقرّ بأنها وقعت في الكتب السماوية. فأقول : إذا ثبت أن عبارات الحاشية والتفسير دخلت في المتن لجهل الكاتبين وغفلتهم ، وثبت أن المصلحين أصلحوا العبارات التي كانت على خلاف القاعدة في زعمهم أو في نفس الأمر ، وثبت أنهم بدّلوا العبارات الغير الفصيحة بالفصيحة ، وأسقطوا ألفاظا فضولا أو مترادفة ، وثبت أنهم سوّوا الفقرات المتقابلة في الأناجيل خصوصا ، ولأجل ذلك كثر الإلحاق في رسائل بولس ، وثبت أن بعض المحقّقين جعلوا العهد الجديد مطابقا للترجمة اللّاطينية ، وثبت أن المبتدعين حرّفوا ما حرّفوا قصدا ، وثبت أن أهل الدين والديانة أيضا كانوا يحرّفون قصدا لتأييد المسألة ولدفع الاعتراض ، وكانت تحريفاتهم ترجّح بعدهم ، فأية دقيقة من دقائق التحريف باقية؟ وأيّ استبعاد لو قلنا الآن : إن المسيحيين الذين كانوا يحبّون عبادة الصليب وما كانوا راضين بتركها وترك الجاه والمناصب حرّفوا هكذا في بعض العبارات التي كانت نافعة لدين الإسلام بعد ظهوره؟ ورجّح هذا التحريف بعدهم ، كما رجّح تحريفاتهم في مقابلة فرقهم ، بل لمّا كان