الكتب المستعملة في اليهود من العهد العتيق كانت تسعة وثلاثين التي يسلّمها الآن فرقة بروتستنت أو ستّة وأربعين التي يسلّمها فرقة كاتلك؟ لأن من الكتب كتاب دانيال أيضا ، وكان اليهود معاصرو المسيح وكذا المتأخرون منهم غير يوسيفس ، لا يسلّمونه إلهاميّا بل ما كانوا يعترفون بنبوّة دانيال أيضا. ويوسيفس المؤرّخ الذي هو معتبر عند المسيحيين ومن علماء اليهود المتعصبين ، وكان بعد المسيح عليهالسلام يعترف في تاريخه بهذا القدر فقط ، ويقول : «ليس عندنا كتب ألوف يناقض بعضها بعضا ، بل عندنا اثنان وعشرون كتابا فقط. فيها أحوال الأزمنة الماضية ، وهي إلهاميّة : منها خمسة لموسى ، فيها بيان العالم من ابتداء الخلق إلى موت موسى ، وثلاثة عشر كتابا كتبها الأنبياء ، فيها أحوال أزمنتهم من موت موسى عليهالسلام إلى زمان السلطان أردشير ، والباقي أربعة كتب مشتملة على حمد الله وثنائه». انتهى. فلا يثبت من شهادته حقّيّة هذه الكتب المتداولة لأنه بين غير التوراة سبعة عشر كتابا. والحال أن غير التوراة عند فرقة بروتستنت أربعة وثلاثون كتابا ، وعند فرقة كاتلك أحد وأربعون كتابا. ومع ذلك لم يعلم أن أي كتاب من هذه الكتب كان داخلا في سبعة عشر ، لأن هذا المؤرّخ نسب إلى حزقيال ، سوى كتابه المشهور ، كتابين آخرين أيضا في تاريخه. فالظاهر أن هذين الكتابين ، وإن لم يوجدا الآن ، كانا عنده داخلين في سبعة عشر. وقد عرفت في الشاهد التاسع عشر من المقصد الثالث أن كريسزاستم وعلماء كاتلك يعترفون أن اليهود ضيّعوا كتبا لأجل غفلتهم ، بل لأجل عدم ديانتهم ، ومزّقوا وأحرقوا البعض. فيجوز أن تكون هذه الكتب داخلة في سبعة عشر. بل أقول الكتب التي أفصّلها الآن لا مجال لفرقة بروتستنت ولا لفرقة كاتلك ولا لغيرها أن ينكروا فقدانها من العهد العتيق ، فيجوز أن يكون أكثرها داخلا في سبعة عشر.
والكتب المفقودة هذه : الأول : سفر حروب الربّ الذي جاء ذكره في الآية الرابعة عشر من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد. وقد عرفت في الشاهد العاشر من المقصد الثاني وفي تفسير هنري واسكات : «الغالب أن موسى كتب هذا السفر لتعليم يوشع ، وكان فيه بيان حدود أرض مواب». انتهى. والثاني : كتاب اليسير الذي جاء ذكره في الآية الثالثة عشر من الباب العاشر من كتاب يوشع ، كما عرفت في الشاهد الثامن عشر من المقصد الثاني ، وكذا جاء ذكره في الآية الثامنة عشر من الباب الأول من سفر صموئيل الثاني. والثالث والرابع والخامس : ثلاثة كتب لسليمان عليهالسلام أحدها ألف وخمسة زبورات ، وثانيها تاريخ المخلوقات ، وثالثها ثلاثة آلاف أمثال وشيء من هذه الأمثال إلى الآن باق أيضا ، كما ستعرف. وجاء ذكر هذه الثلاثة في الآية الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين من الباب الرابع من سفر الملوك الأول. قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسير ذيل شرح الآية الثانية