من سلطنة يوشيا ، وبقيت معمولة إلى ثلاث عشرة سنة مدة حياته. ولمّا مات وجلس ياهو حاز على سرير السلطنة. ارتدّ وشاع الكفر وتسلّط عيه سلطان مصر وأسره وأجلس أخاه على سرير السلطنة ، وهو كان مرتدّا أيضا كأخيه. ولمّا مات جلس ابنه على السرير ، وكان مرتدّا أيضا كأبيه وعمّه ، وأسره بخت نصّر مع جمّ غفير من بني إسرائيل ، ونهب بيت المقدس وكنز بيت الملك ، وأجلس عمّه على سرير السلطنة. وكان مرتدّا أيضا مثل ابن أخيه. فإذا علمت هذا ، فأقول إن تواتر التوراة في اليهود عندي منقطع قبل زمان يوشيا ، والنسخة التي وجدت في عهده لا اعتماد عليها ولا يثبت بها التواتر. ومع ذلك ما كانت معمولة إلّا إلى ثلاث عشرة سنة ، وبعدها لم يعلم حالها. والظاهر أنه لمّا راجع الارتداد والكفر بين أولاد يوشيا زالت قبل حادثة بخت نصّر. وكان وجودها بين أزمنة الارتداد كالطّهر المتخلّل بين الدمين ، ولو فرض بقاؤها أو بقاء نقلها فالمظنون زوالها في حادثة بخت نصّر ، وهذه الحادثة هي الحادثة الأولى.
الأمر الثاني : لمّا بغى هذا السلطان الذي أجلسه بخت نصّر عليه فأسره وذبح أولاده قدّام عينيه أولا ، ثم قلع عينيه وربطه بالسلاسل وأرسله إلى بابل ، وأحرق بيت الله وبيوت الملك وجميع بيوت أورشليم وكل منزل جليل ، وجميع بيوت الكبراء أحرقها بالنار وهدم سور أورشليم وأسر سائر شعوب بني إسرائيل وسباهم ، وعمّر تلك المملكة من مساكين الأرض وضعفائها ، كرّامين وفلّاحين. وهذه هي الحادثة الثانية لبخت نصّر. وفي هذه الحادثة انعدم التوراة ، وكذا جميع كتب العهد العتيق التي كانت مصنّفة قبل هذه الحادثة عن صفحة العالم رأسا. وهذا الأمر مسلّم عند أهل الكتاب أيضا ، كما عرفت مفصّلا في الشاهد السادس عشر من المقصد الأول.
الأمر الثالث : لمّا كتب عزرا عليهالسلام كتب العهد العتيق مرة أخرى على زعمهم ، ووقعت حادثة أخرى جاء ذكرها في الباب الأول من الكتاب الأول للمقابيين هكذا : «لمّا فتح أنتيوكس ملك ملوك الفرنج أورشليم أحرق جميع نسخ كتب العهد العتيق التي حصلت له من أيّ مكان بعد ما قطعها ، وأمر أن من يوجد عنده نسخة من نسخ العهد العتيق أو يؤدّي رسم الشريعة يقتل. وكان تحقيق هذا الأمر في كل شهر. فكان يقتل من وجد عنده نسخة من كتب العهد العتيق أو ثبت أنه أدّى رسما من رسوم الشريعة ، وتعدم تلك النسخة». انتهى ملخّصا. وكانت هذه الحادثة قبل ميلاد المسيح بمائة وإحدى وستّين سنة. وكانت ممتدّة إلى ثلاث سنين ونصف ، كما فصّلت في تواريخهم وتاريخ يوسيفس. فانعدمت في هذه الحادثة جميع النّسخ التي كتبها عزرا ، كما عرفت في الشاهد السادس عشر من المقصد الأول من كلام جان ملنر كاتلك : «أنه لمّا ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزرا ، ضاعت تلك النقول أيضا في حادثة أنتيوكس». انتهى. ثم قال جان ملنر : «فلم تكن شهادة لصداقة هذه الكتب ما لم يشهد