المسيح والحواريون». انتهى. أقول : قد عرفت حال هذه الشهادة في جواب المغالطة الثانية.
الأمر الرابع : وقعت على اليهود بعد هذه الحادثة المذكورة حوادث أخرى أيضا من أيدي ملوك الفرنج انعدمت فيها نقول عزرا ونسخ لا تحصى ، ومنها حادثة طيطوس الرومي وهي حادثة عظيمة وقعت بعد عروج المسيح بسبع وثلاثين سنة. وهذه الحادثة مكتوبة بالتفصيل التامّ في تاريخ يوسيفس وتواريخ أخرى ، وهلك في هذه الحادثة من اليهود في أورشليم ونواحيه ألف ألف ومائة ألف بالجوع والنار والسيف والصلب ، وأسر سبعة وتسعون ألفا وبيعوا في الأقاليم المختلفة ، وهلك جموع كثيرة في أقطار أرض اليهودية أيضا.
الأمر الخامس : إن القدماء المسيحيين ما كانوا ملتفتين إلى النسخة العبرانية من العهد العتيق بل جمهورهم كانوا يعتقدون تحريفها ، وكانت الترجمة اليونانية معتبرة عندهم سيما إلى آخر القرن الثاني من القرون المسيحية. فإنه لم يلتفت أحد منهم إلى النسخة العبرانية ، وكانت هذه الترجمة مستعملة في جميع معابد اليهود أيضا إلى آخر القرن الأول. فكانت نسخ العبرانية لهذا الوجه أيضا قليلة ، ومع كونها قليلة كانت عند اليهود ، كما ظهر لك في الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى.
الأمر السادس : إن اليهود أعدموا نسخا كتبت في المائة السابعة والثامنة لأنها كانت تخالف مخالفة كثيرة للنسخ التي كانت معتمدة عندهم ، ولذلك ما وصلت إلى مصحّحي العهد العتيق النسخة المكتوبة في هاتين المائتين. فبعد ما أعدموا ، بقيت النسخ التي كانوا يرضون بها ، فكان لهم مجال واسع للتحريف ، كما عرفت في القول العشرين من الهداية المذكورة.
الأمر السابع : كان في المسيحيين أيضا في الطبقات الأول أمر موجب لقلّة النسخ وإمكان تحريف المحرّفين ، لأن تواريخهم تشهد بأنهم إلى ثلاثمائة سنة كانوا مبتلين بأنواع المحن والبلايا ووقع عليهم عشر قتلات عظيمة : الأول : في عهد السلطان نيرو (١) في سنة ٦٤ واستشهد فيه بطرس الحواري وزوجته وقتل بولس أيضا. وكان هذا القتل في دار السلطنة وإيالاته. وبقي الحال هكذا إلى حياة هذا السلطان. وكان الإقرار بالمسيحية يعدّ جرما عظيما في حق المسيحيين. والثاني : في عهد السلطان دومشيان ، وكان هذا السلطان مثل نيرو عدوّا للملّة المسيحية ، فأمر بالقتل. فظهر القتل العامّ الذي حصل منه خوف استئصال هذه الملّة
__________________
(١) أي نيرون.