الكتب المقدسة». انتهى. ثم قال : «يقول يوسي بيس بالجزم التامّ إنه رأى بعينيه أن الكنائس هدّمت والكتب المقدسة أحرقت من الأسواق». انتهى. ولا أقول إن النّسخ كلها بإعدامه انعدمت عن صفحة العالم ، لكن لا شك أنها قلّت جدا وضاعت من النّسخ غير المحصورة النفيسة الصحيحة. لأن كثرة المسيحيين وكثرة كتبهم كما كانت في مملكته ودياره ، ما كانت بمنزلة عشرها في غيرها. وانفتح باب التحريف ، ولا عجب ان انعدم بعض الكتب رأسا أيضا ، ويكون الموجود باسمه بعده جعليّا مختلفا. لأن هذا الأمر قبل إيجاد صنعة الطبع كان أمرا ممكنا ، كما علمت في القول العشرين من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى أن النسخ المخالفة لنسخة اليهود انعدمت رأسا بإعدامهم بعد المائة الثامنة. وقال آدم كلارك في مقدمة تفسيره : «إن أصل التفسير المنسوب إلى تي شن انعدم والمنسوب إليه الآن مشكوك عند العلماء وشكّهم حق». انتهى. وقال واتسن في المجلد الثالث من كتابه : «كان التفسير المنسوب إلى تي شن موجودا في عهد تهيودورت ، وكان يقرأ في كل كنيسة. لكن تهيودورت أعدم جميع نسخه ليقيم الإنجيل مقامه». انتهى. انظروا كيف انعدم هذا التفسير عن صفحة العالم بإعدام تهيودورت ، وكيف اخترع واختلق المسيحيون بدله. ولا شك أن اقتدار ديوكليشين الذي ملك ملوك الفرنج أزيد من اقتدار اليهود ، وكذا زمان إعدامه كان أقرب من زمان إعدامهم ، وكذا اقتداره أزيد من اقتدار تهيودورت. فلا استبعاد في أن ينعدم بعض كتب العهد الجديد بحادثة ديوكليشين والحوادث التي ظهرت في عهد السلاطين المذكورين الذين كانوا ملوك الملوك في عهدهم ، ثم يكون الموجود باسمه مفترى مختلقا ، كما سمعت في تفسير تي شن. والاهتمام إلى اختلاق بعض كتب العهد الجديد كان أهم عندهم من اختلاق التفسير المذكور ، وكانت المقولة المقبولة عندهم ، التي مرّ ذكرها في القول السادس من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى ، حاكمة باستحسان هذا الاختلاق واستحبابه. ولأجل الحوادث المذكورة في هذه الأمور الثمانية المسطورة ، فقدت الأسانيد المتصلة بكتبهم ، ولا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد العتيق والجديد لا عند اليهود ولا عند المسيحيين ، كما عرفت نبذا منه. وطلبنا مرارا من القسيسين العظام السند المتصل ، فما قدروا عليه. واعتذر بعض القسيسين في محفل المناظرة التي كانت بيني وبينهم ، فقال إن سبب فقدان الإسناد عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة. ونحن تصفّحنا كتب الإسناد لهم ، فما رأينا فيها شيئا غير الظن والتخمين ، وبهذا القدر لا يثبت السند.
المغالطة الخامسة : إن بعض نسخ الكتب المقدسة التي كتبت قبل زمان محمد صلىاللهعليهوسلم موجودة إلى الآن عند المسيحيين وهذه النّسخ موافقة لنسخنا.