هذا في حق الأنبياء عليهمالسلام؟ فلا بدّ من الاعتراف بأنه كان جائزا في شريعتهما ثم نسخ (١).
الثاني : قول الله في خطاب نوح وأولاده في الآية الثالثة من الباب التاسع من سفر التكوين هكذا ترجمة عربية سنة ١٦٢٥ وسنة ١٦٤٧ : «وكلما يتحرك على الأرض وهو حيّ يكون لكم مأكولا كالبقل الأخضر». فكان جميع الحيوانات حلالا في شريعة نوح كالبقولات ، وحرّمت في الشريعة الموسوية الحيوانات الكثيرة منها الخنزير أيضا ، كما هو مصرّح في الباب الحادي عشر من سفر الأخبار والباب الرابع عشر من سفر الاستثناء (٢).
الثالث : جمع يعقوب بين الأختين ليا وراحيل ابنتي خاله ، كما هو مصرّح به في الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين. وهذا الجمع حرام في الشريعة الموسوية. الآية الثامنة عشر من الباب الثامن عشر من سفر الأخبار هكذا : «ولا تتزوّج أخت امرأتك في حياتها فتحزنها ، ولا تكشف عورتهما جميعا فتحزنهما». فلو لم يكن الجمع بين الأختين جائزا في شريعة يعقوب ، يلزم أن يكون أولادهما أولاد الزنا ، والعياذ بالله ، وأكثر الأنبياء الإسرائيلية في أولادهما.
الرابع : قد عرفت في الشاهد الأول من المقصد الثالث أن يوخايذ زوجة عمران كانت عمّته. وقد حرّف المترجمون للترجمة العربية المطبوعة سنة ١٦٢٥ وسنة ١٦٤٨ تحريفا قصديا لإخفاء العيب فكأن أبو موسى تزوّج عمّته. وهذا النكاح حرام في الشريعة الموسوية. الآية الثانية عشر من الباب الثامن عشر من سفر الأخبار هكذا : «لا تكشف عورة عمّتك لأنها قرابة أبيك». وكذا في الآية التاسعة عشر من الباب العشرين من السفر المذكور. فلو لم يكن هذا النكاح جائزا قبل شريعة موسى لزم أن يكون موسى وهارون ومريم أختهما من أولاد الزنا ، والعياذ بالله ، ولزم أن لا يدخلوا جماعة الربّ إلى عشرة أحقاب ، كما هو مصرّح في الآية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من سفر الاستثناء. ولو كانوا هم قابلين للإخراج عن جماعة الربّ فمن يكون صالحا لدخولها؟
__________________
(١) ترجم صاحب الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١١ الآية الثانية عشر من الباب العشرين من سفر التكوين هكذا : «هي قريبتي من أبي لا من أمي». فالظاهر أنه حرّف قصدا لئلا يلزم النسخ بالنسبة إلى نكاح سارة ، لأن قريبة الأب تشمل بنت العمّ والعمّة وغيرهما.
(٢) حرّف هنا أيضا صاحب الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١١ ، وترجم الآية الثالثة المذكورة هكذا : «كل دبيب ظاهر حيّ يكون لكم مأكلا كخضر العشب». فزاد لفظ الطاهر من جانبه لئلا تشمل الحيوانات المحرّمة في شريعة موسى ، لأنه قيل في حقها في التوراة إنها بخسة.