الخامس : في الباب الحادي والثلاثين من كتاب أرمياء هكذا : «٣١ ها ستأتي أيام يقول الرب وأعاهد بيت إسرائيل وبيت يهودا عهدا جديدا ٣٢ ليس مثل العهد الذي عاهدت آباءهم في اليوم الذي أخذت بأيديهم لأخرجهم من أرض مصر عهدا نقضوه وأنا تسلّطت عليهم بقول الربّ». والمراد من العهد الجديد الشريعة الجديدة. فيفهم أن هذه الشريعة الجديدة تكون ناسخة للشريعة الموسوية. وادّعى مقدّسهم بولس ، في الباب الثامن من رسالته إلى العبرانيين ، أن هذه الشريعة شريعة عيسى. فعلى اعترافه شريعة عيسى عليهالسلام ناسخة لشريعة موسى عليهالسلام. وهذه الأمثلة الخمسة لإلزام اليهود والمسيحيين جميعا. ولإلزام المسيحيين أمثلة أخرى.
السادس : يجوز في الشريعة الموسوية أن يطلّق الرجل امرأته بكل علّة ، وأن يتزوّج رجل آخر بتلك المطلّقة بعد ما خرجت من بيت الأول ، كما هو مصرّح به في الباب الرابع والعشرين من كتاب الاستثناء. ولا يجوز في الطلاق في الشريعة العيسوية إلّا بعلّة الزنا. هكذا لا يجوز لرجل آخر نكاح المطلّقة ، بل هو بمنزلة الزنا ، كما صرّح به في الباب الخامس والتاسع عشر من إنجيل متّى. ولمّا اعترض الفريسيون على عيسى عليهالسلام في هذه المسألة ، قال في جوابهم : «إن موسى ما جوّز لكم طلاق نسائكم إلّا لقساوة قلوبكم ، وأما من قبل فإنه لم يكن كذلك. وأنا أقول لكم إن كل من طلّق زوجته لغير علّة الزنا وتزوّج بأخرى فقد زنى ، ومن يتزوّج بتلك المطلّقة يزني». فعلم من جوابه أنه ثبت النّسخ في هذا الحكم مرتين : مرة في الشريعة الموسوية ، ومرة في شريعته. وأنه قد ينزل الحكم تارة موافقا لحال المكلّفين وإن لم يكن حسنا في نفس الأمر.
السابع : كانت الحيوانات الكثيرة محرّمة في الشريعة الموسوية ، ونسخت حرمتها في الشريعة العيسوية. وثبتت الإباحة العامّة بفتوى بولس. الآية الرابعة عشر من الباب الرابع عشر من رسالة بولس إلى أهل رومية هكذا : «فإني أعلم وأعتقد بالربّ عيسى أن لا شيء نجس العين بل ان كل شيء نجس لمن يحسبه نجسا». والآية الخامسة عشر من الباب الأول من رسالته إلى طيطوس هكذا : «فإن جميع الأشياء طاهرة للطاهرين ، وليس شيء بطاهر للنجسين والمنافقين ، لأنهم كلهم نجسون حتى عقلهم وضميرهم». وهاتان الكليتان (إن كل شيء نجس لمن يحبه نجسا) و (جميع الأشياء طاهرة للطاهرين) عجيبتان في الظاهر. لعلّ بني إسرائيل لم يكونوا طاهرين ، فلم تحصل لهم هذه الإباحة العامّة. ولمّا كان المسيحيون طاهرين ، حصل لهم الإباحة العامّة ، وصار كل شيء طاهرا لهم. وكان مقدّسهم جاهدا في إشاعة حكم الإباحة العامّة. ولذلك كتب إلى تيموثاوس في الباب الرابع من رسالته الأول : «٤ لأن كل ما خلق الله حسن ، ولا يجوز أن يرفض منه شيء إذا أكلناه ونحن شاكروه ٥ لأنه