من الكتب القديمة المسيحية كلها ، وثبت في كتب الإسناد بأدلة كثيرة أن الإنجيل الموجود الآن يعني مجموع العهد الجديد كتبه الحواريون ، وهو بعينه الذي كان في الأول ، وما كان غيره في زمان ما». انتهى. انظروا إلى تهافت أقوال الثلاثة التي نقلتها في القول السابق وهذا القول ، لأنه يعلم من السابق أنه لا يوجد سند متّصل لهذا الأمر أن الإنجيل الأول الموجود الآن كتبه فلان ، وكان باللسان الفلاني وأيّ شخص ترجمه ، ويعلم من القول الثالث أن مجموع العهد الجديد كتبه الحواريون. وهذا الأمر ثابت بأدلّة كثيرة في كتب الإسناد ومبيّن في الكتب القديمة المسيحية كلها. ولأنه قد أقرّ في القول الثاني من هذه الأقوال الثلاثة أن الإنجيل الثاني والثالث ما كتبهما الحواريون ، ويدّعي في القول الثالث من الأقوال الثلاثة أن مجموع العهد الجديد كتبه الحواريون ، ولأنه قد أقرّ في القول السابق أن بعض العلماء ظن أن إنجيل متّى لعله كان باللسان العبراني أو العرامائي ، وادّعى في القول الأخير أن هذا المجموع هو بعينه ما كان في الأول. وستعرف في الفصل الثاني من الباب الأول أن رسالة يعقوب ورسالة يهودا والرسالة العبرانية والرسالة الثانية لبطرس والرسالة الثانية والثالثة ليوحنّا إسنادها إلى الحواريين بلا حجّة ، وكانت مشكوكة إلى سنة ٣٦٣. ومشاهدات يوحنّا كان مشكوكا إلى سنة ٣٩٧ ، وأبقاه محفل نائس ومحفل لوديسيا مشكوكا أيضا ومردودا وما قبلوه ، والكنائس السريانية تردّ من الابتداء إلى الآن الرسالة الثانية لبطرس ورسالة يهودا والرسالتين ليوحنّا وكتاب المشاهدات ، وردّها جميع كنائس العرب أيضا. وقد أقرّ هو بنفسه في الصفحة ٣٨ و ٣٩ من المباحثة المحرّفة المطبوعة سنة ١٨٥٥ في حق الصحف المذكورة بأن هذه الصحف لم تكن منضمّة بالإنجيل في الزمان الأول ولا توجد في الترجمة السريانية الرسالة الثانية لبطرس ورسالة يهودا والرسالتان ليوحنا وكتاب مشاهدات يوحنّا ومن الآية الثانية إلى الآية الحادية عشرة من الباب الثاني من إنجيل يوحنّا والآية السابعة من الباب الخامس من الرسالة الأولى ليوحنّا. ولذلك قال خليلي صاحب الاستبشار بعد نقل أقواله : (ما ذا نقول غير ان هذا القسّيس مجنون). انتهى.
القول السادس : في الصفحة ١٤٦ : «سلسوس كان من علماء الوثنيين في القرن الثاني وكتب كتابا في ردّ الملّة المسيحية وبعض أقواله موجودة إلى الآن لكنه ما كتب في موضع أن الإنجيل ليس من الحواريين». انتهى ملخّصا. أقول : هذا مخدوش بوجهين : أما أولا : فلأنه أقرّ بنفسه أن كتابه لا يوجد الآن بل بعض أقواله موجودة ، فكيف يعتقد أنه ما كتب في موضع؟ وعندي هذا الأمر قريب من الحزم بأنه كما أن علماء بروتستنت ينقلون أقوال المخالف في هذه الأزمنة ، فكذلك كان المسيحيون الذين كانوا في القرن الثالث وما بعده ينقلون أقوال المخالف ونقل أقوال سلسوس أرجن في تصنيفاته ، وكان الكذب والخداع في عهده في